هذه نهاية الطغاة الظالمين وعاقبة الكفار المكذبين، أخبر بها تعالى للعظة والعبرة، وهي تذكّر بحال أربعة أقوام.
-فإن الله تعالى أرسل موسى عليه السلام مؤيدا بالدليل الباهر والحجة القاطعة والمعجزات كالعصا واليد، إلى فرعون الطاغية الجبار، فأعرض عن الإيمان بجنوده وجموعه، وكذبوا برسالته، ووصف فرعون موسى بأنه ساحر يأتي الجن بسحره أو يقرب منهم، والجن يقربونه ويقصدونه إن لم يقصدهم، فيصير كالمجنون، فالساحر والمجنون كلاهما أمره مع الجن، غير أن الساحر يأتيهم باختياره، والمجنون يأتونه من غير اختياره.
فكان عاقبتهم الإغراق في البحر لكفرهم وتوليهم عن الإيمان، وإتيان فرعون بما يلام عليه من ادعاء الربوبية والطغيان والعناد.
-كذلك أرسل الله هودا عليه السلام إلى قبيلة عاد، فكذبوه واستكبروا عن دعوته، وعكفوا على عبادة الأصنام، فاستأصلهم الله وأهلكهم بريح صرصر عاتية، لا رحمة فيها ولا بركة ولا منفعة، وهي كما قال مقاتل: الدّبور، كما
في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم:«نصرت بالصّبا، وأهلكت عاد بالدّبور» وقيل: هي الجنوب، لما
روى ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«الريح العقيم: الجنوب» وقال ابن عباس: هي النكباء.
وكان تأثير تلك الريح شديدا مرعبا، فلم تمر بشيء من الأنفس والأموال والديار إلا جعلته كالشيء الهشيم، أو كالشيء الهالك البالي، كما قال تعالى: