للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التفسير والبيان:

{وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنّا لَمُوسِعُونَ} أي ولقد بنينا السماء بقوة وقدرة، وإنا لذوو قدرة وسعة على خلقها وخلق غيرها، فنحن قادرون، لا نعجز عن ذلك، ولا يمسنا تعب ولا نصب. وفي لفظ‍ البناء إشارة إلى كونها محكمة البنيان. وقوله: {بِأَيْدٍ} تأكيد لذلك، وقوله: {وَإِنّا لَمُوسِعُونَ} مزيد تأكيد.

{وَالْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ} أي والأرض مهدناها وبسطناها كالفراش لتصلح للعيش والاستقرار عليها، فنعم الماهدون نحن الذين جعلناها مهدا لأهلها، ومترعة بالخيرات على سطحها وجوفها، برها وبحرها وجوها، فعلى سطحها يعيش الإنسان والحيوان، وفي جوفها الثروة المعدنية الجامدة والسائلة كالنفط‍، وفي برها مختلف النباتات والأزهار والأشجار، وفي بحرها آلاف الأنواع من الأسماك، واللآلئ والمرجان وتسير فيها السفن، وفي جوها الطير والهواء والسحب الزاخرة بالمطر، وتحليق الطائرات وغيرها.

وإنما أطلق الفرش على الأرض، ولم يطلق البناء، لأنها محل التغييرات كالبساط‍ يفرش ويطوى. وقوله: {بَنَيْناها} أدل على الاستقلال وعدم الشريك في التصرف.

والآية تشير إلى أن دحو الأرض وبسطها كان بعد خلق السماء، لأن بناء البيت يكون أولا قبل الفرش، وهذا هو المعروف الآن علميا. قال الرازي: في الآية دليل على أن دحو الأرض بعد خلق السماء، لأن بناء البيت يكون في العادة قبل الفرش (١).


(١) تفسير الرازي: ٢٢٧/ ٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>