{حَتّى إِذَا} متعلّقة بمحذوف، دلّ عليه الكلام، كأنه قيل: وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا فتراخى نصرهم حتى إذا استيأسوا عن النّصر.
{وَلكِنْ تَصْدِيقَ} خبر كان المقدرة، أي ولكن كان ذلك تصديق الذي بين يديه وتفصيلا، و {هُدىً وَرَحْمَةً} منصوبان بالعطف عليه.
المفردات اللغوية:
{إِلاّ رِجالاً} لا ملائكة. {مِنْ أَهْلِ الْقُرى} الأمصار؛ لأنهم أعلم وأحلم، بخلاف أهل البوادي لجفائهم وجهلهم. {أَفَلَمْ يَسِيرُوا} أهل مكة. {عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} أي آخر أمرهم من إهلاكهم بتكذيبهم رسلهم. {وَلَدارُ الْآخِرَةِ} أي ولدار الحال القادمة أو السّاعة الأخرى أو الحياة الآخرة وهي الجنة. {اِتَّقَوْا} الله واتقوا الشّرك والمعاصي، أي خافوا الله فلم يشركوا به ولم يعصوه. {أَفَلا تَعْقِلُونَ} أهل مكة، فيؤمنوا.
{حَتّى} غاية محذوف، دلّ عليه الكلام، أي وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا، فتراخى نصرهم. {اِسْتَيْأَسَ} يئس، أي لا يغررهم تمادي أيامهم، فإن من قبلهم أمهلوا، حتى أيس الرّسل من النّصر عليهم في الدّنيا أو من إيمانهم، لانهماكهم في الكفر. {وَظَنُّوا} أيقنوا. {كُذِبُوا} أي ظنّ الأمم أنّ الرّسل أخلفوا ما وعدوا به من النّصر، وعلى قراءة التّشديد، أي وظنّ الرّسل أن القوم قد كذبوهم تكذيبا لا إيمان بعده فيما أو عدوهم. {فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ} وهم النّبي والمؤمنون.
{بَأْسُنا} عذابنا. {عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} المشركين. {فِي قَصَصِهِمْ} أي الرّسل. {عِبْرَةٌ} أي اعتبار من حال إلى حال. {لِأُولِي الْأَلْبابِ} أصحاب العقول. {ما كانَ} هذا القرآن.
{يُفْتَرى} يختلق. {الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ} قبله من الكتب. {وَتَفْصِيلَ} تبيين. {كُلِّ شَيْءٍ} يحتاج إليه في الدّين. {وَهُدىً} من الضّلالة. {وَرَحْمَةً} ينال بها خير الدّارين. {لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} يصدّقونه، خصّوا بالذّكر لانتفاعهم به دون غيرهم.
المناسبة:
بعد أن أثبت القرآن الكريم نبوّة النّبي محمد صلّى الله عليه وسلّم بدليل إخباره عن المغيبات، ردّ الله على منكري النّبوة، فقد كان من شبه منكري نبوّته صلّى الله عليه وسلّم أن الله لو أراد إرسال رسول لبعث ملكا، كما حكى القرآن عنهم:{لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً}[فصلت ١٤/ ٤١].