عجلت عقوبته ومن أخّرت، ومن صدّق الرسل ومن كذب، حالهم سواء في أنه تعالى يوفيهم جزاء أعمالهم في الآخرة، وهو مأخوذ من الآية {لَيُوَفِّيَنَّهُمْ} التي جمعت بين الوعد والوعيد، فإن إيفاء جزاء الطاعات وعد عظيم، وإيفاء جزاء المعاصي وعيد عظيم.
وتأكد الوعد والوعيد بقوله تعالى:{إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} لأنه تعالى لما كان عالما بجميع المعلومات، كان عالما بمقادير الطاعات والمعاصي، وعالما بالقدر المناسب لكل عمل من الجزاء، فلا يضيع شيء عنده من الحقوق والجزاءات.
وأكد الله تعالى توفية الجزاءات على المستحقين في الآية المذكورة:{وَإِنَّ كُلاًّ لَمّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ} بسبعة أنواع من المؤكدات: وهي إنّ، وكل، والام الداخلة على خبر إن، وحرف «ما» إذا جعلناه على قول الفراء موصولا، والقسم المضمر، فإن تقدير الكلام: وإن جميعهم والله ليوفينهم، واللام الثانية الداخلة على جواب القسم، والنون المؤكدة في قوله:{لَيُوَفِّيَنَّهُمْ} فكل هذه الألفاظ السبعة الدالة على التوكيد، تدل على أن أمر الربوبية والعبودية لا يتم إلا بالبعث والقيامة وأمر الحشر والنشر، ثم أردفه بقوله:{إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} كما تقدم، وهو من أعظم المؤكدات (١).