للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدنيا، وبعضه في الآخرة، وهو تنبيه على أن عاقبة المذنبين مذمومة قبيحة جدا.

وليس هذا حال محمّد صلى الله عليه وسلّم مع قومه، بل هو حال كل الأنبياء مع أقوامهم.

ثم بيّن الله تعالى الشبهة الخامسة (١) من شبهات منكري النبوة، فإنه صلى الله عليه وسلّم كلما هددهم بنزول العذاب، ومرّ زمان ولم يظهر ذلك العذاب، قالوا: متى هذا الوعد إن كنتم صادقين؟ واحتجوا بعدم وجوده على القدح في نبوته صلى الله عليه وسلّم. ثم أجابهم تعالى بأنه لو نزل هذا العذاب، ما الفائدة لكم فيه؟ فإن قلتم: نؤمن عنده، فالإيمان وقت الإلجاء والعسر باطل، فيكون هذا العذاب في الدنيا، ثم يعقبه عذاب آخر أشد منه يوم القيامة؟ وبالرغم من سؤالهم: {مَتى هذَا الْوَعْدُ} وإجابتهم، عادوا مرة أخرى إلى الرسول صلى الله عليه وسلّم يسألونه: {أَحَقٌّ هُوَ} أي المعاد والقيامة من القبور ثم العذاب؟ هو حق وأنه ليس للظالم شيء يفتدي به، فإن كل الأشياء ملك الله تعالى، وأن ثبوت النبوة وصحة المعاد متفرعان على إثبات الإله القادر الحكيم، وكل ما سواه ملكه.

التفسير والبيان:

كان المشركون يكذبون النبي صلى الله عليه وسلّم في توعده لهم بالعذاب، وكانوا يستعجلون نزوله تكذيبا له واستهزاء به، ويتمنون موته لتموت دعوته، فرد الله تعالى عليهم مخاطبا رسوله صلى الله عليه وسلّم: إن ننتقم منهم في حياتك لتقرّ عينك كما حدث يوم بدر وحنين وغيرهما، فذاك؛ وإن توفيناك قبل ذلك فمصيرهم ومنقلبهم إلينا بكل حال، فنريك عذابهم في الآخرة، والله مطلع على أفعالهم بعدك، فيجازيهم به، على علم وشهادة حق. وذلك كقوله تعالى: {وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ،}


(١) قد مضى بيان الشبهات الأربعة في هذه السورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>