للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رواية أبي صالح عن ابن عباس: فلم ينس بعد نزول هذه الآية حتى مات.

التفسير والبيان:

{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} أي نزّه الله عن كل ما لا يليق به، بقولك:

«سبحان ربي الأعلى». قال القرطبي: والأولى أن يكون الاسم هو المسمى (١).

وقال أبو حيان: الظاهر أن التنزيه يقع على الاسم، أي نزهه عن أن يسمى به صنم أو وثن، فيقال له: ربّ أو إله، وإذا كان قد أمر بتنزيهه اللفظ‍ أن يطلق على غيره، فهو أبلغ، وتنزيه الذات أحرى، وقيل: الاسم هنا بمعنى المسمى، فالاسم: صلة زائدة، والمراد الأمر بتنزيه الله تعالى (٢). والمراد بالأعلى: أن الله هو العالي والأعلى والأجل والأعظم من كل ما يصفه به الواصفون، كما يوصف بالكبير والأكبر.

أخرج الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه عن عقبة بن عامر الجهني: «لما نزلت {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} قال لنا رسول الله صلّي الله عليه وسلّم: اجعلوها في ركوعكم، فلما نزلت: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} قال: اجعلوها في سجودكم».

ثم وصف ذلك الاسم الأعلى بصفات تكون دليلا على وجود الرب وقدرته لمن أراد معرفته، فقال:

١ - {الَّذِي خَلَقَ فَسَوّى} أي الذي خلق الكائنات جميعها، ومنها الإنسان، وسوّى كل مخلوق في أحسن الهيئات، فعدل قامته، وناسب بين أجزائه، وجعلها متناسقة محكمة غير متفاوتة ولا مضطربة، للدلالة على إتقانها من إله حكيم مدبر عالم.


(١) تفسير القرطبي: ١٤/ ٢٠
(٢) البحر المحيط‍: ٤٥٨/ ٨

<<  <  ج: ص:  >  >>