للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإشعارا بأنه خلق عجيب، وأن له شأنا، والمعنى: جعله حيا حساسا بعد أن كان جمادا. {وَجَعَلَ لَكُمُ} لذريته. {السَّمْعَ} أي الإسماع. {وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ} خصص هذه الحواس لتسمعوا وتبصروا وتعقلوا. {قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ} تشكرون شكرا قليلا، و {ما} زائدة مؤكدة للقلة.

المناسبة:

بعد ما أثبت الله تعالى صحة الرسالة، ذكر ما يجب على الرسول من الدعوة إلى توحيد الله، وزوده بما يحتاجه من إقامة الأدلة والبراهين على ذلك، لإنجاح مهمته.

التفسير والبيان:

{اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيّامٍ} أي إن الله تعالى هو خالق الأشياء، فخلق السموات والأرض وأبدعهما وفطرهما وما بينهما لا على مثال سابق، في مدة ستة أيام، أي في أجزاء ستة من الوقت، ليست هي الأيام المعروفة؛ لأنه قبل خلقها لم يكن ليل ولا نهار. وقال الحسن البصري:

«من أيام الدنيا» ولو شاء لخلقها بلمح البصر، ولكن أراد أن يعلّم عباده التأني في الأمور.

{ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ} أي استولى على ملكه يدبر أمره ويحكم شأنه، أو استوى استواء يليق بجلاله وعظمته على العرش الذي هو أعظم المخلوقات، من غير تشبيه ولا تمثيل، ولا يحده زمان ومكان، ولا تدركه الأبصار إدراك إحاطة وشمول، وهو يدرك الأبصار، وهو اللطيف الخبير.

{ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ} أي ليس لكم أيها الناس، ولا سيما الكفار من غير الله ناصر يدفع عنكم عذابه ويلي أموركم، ولا شافع يشفع لكم عنده إلا بإذنه، بل هو المالك المطلق لكل شيء، فيتولى ما فيه المصلحة، ويدبر الأمور، دون تدخل من أحد، ولا حاجة لأحد؛ لأنه وحده القادر على كل شيء، والمهيمن على جميع الأشياء.

<<  <  ج: ص:  >  >>