للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأودع فيها بدائع الكواكب والنجوم لإنارة الأرض في الليل، وعلم سبحانه وحده حقيقتها وروائع ما فيها، والله عالم بكل ما خلق في الأرض وفي السماء، وذلك كله دليل القدرة الباهرة الدالة على وجود الإله الخالق، وهو وحده، القادرة على إعادة الخلق والحياة. فهل بعد هذا يسوّغ الكفر أو الإلحاد وإنكار وجود الله؟!

فقه الحياة أو الأحكام:

وصف الكفر ينطبق على كل من لم يصدّق بنبوّة محمد صلّى الله عليه وآله وسلم فيما جاء به، وإن آمنوا بكتاب سماوي سابق، لأنهم لم يقرّوا بأن القرآن من عند الله، ومن زعم أن القرآن كلام البشر، فقد أشرك بالله، وصار ناقضا للعهد. وقالت المعتزلة:

آية {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ} تدلّ على أن الكفر من قبل العباد (١).

والأدلة على قدرة الله ووجوده كثيرة منها ما ذكرته هذه الآية: وهو خلق الأرض وما فيها، والسماوات وما أبدع فيها، وخلق الإنسان من العدم، ثم إماتته، ثم إحياؤه، ثم حسابه على ما قدم في مسيرة الحياة البشرية، كما قال تعالى: {كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [الأنبياء ١٠٤/ ٢١]، فإعادتهم كابتدائهم، فهو رجوع، فيكافأ المؤمنون بالجنان، لإيمانهم وعملهم الصالح، ويعذب الكفار لكفرهم.

والترتيب في قوله تعالى {ثُمَّ} التي تقتضي التراخي، ليس مرادا، وإنما المقصود من كلمة {ثُمَّ} ترتيب الإخبار وتعديد النعم، فهي لا تعارض آية:

{وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها} [النازعات ٣٠/ ٧٩]، لأن كلمة {بَعْدِ} فيها بعدية في الذكر وترتيب الإخبار، لا في الزمان ولا لترتيب الأمر في نفسه، مثاله: قول الرجل لغيره: أليس قد أعطيتك النعم العظيمة، ثم رفعت قدرك، ثم دفعت الخصوم عنك؟ وربما يكون بعض ما أخره متقدما حدوثه.


(١) تفسير الرازي: ١٤٩/ ٢

<<  <  ج: ص:  >  >>