للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{كَيْفَ} يكون لهم عهد، تكرار لاستبعاد ثبات المشركين على العهد، وحذف الفعل لكونه معلوما. {وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ} يظفروا بكم ويغلبوكم. {لا يَرْقُبُوا} لا يراعوا، ومنه: فلان لا يرقب الله في أموره، أي لا ينظر إلى عقابه. {إِلاًّ} الإل: الحلف، وقيل: القرابة، واشتقاق الإلّ بمعنى الحلف؛ لأنهم كانوا إذا تحالفوا، رفعوا به أصواتهم وشهروه، من الإل: وهو الجؤار.

وسميت به القرابة لأن القرابة عقدت بين الرجلين ما لا يعقده الميثاق. {وَلا ذِمَّةً} الذمة والذمام:

العهد، الذي يلزم من ضيّعه الذمّ. {فاسِقُونَ} المراد به هنا ناقضون للعهد والميثاق، متجاوزون ما يوجبه الصدق والوفاء. والعهد: ما يتفق طرفان من الناس على التزامه بينهما لمصلحتهما المشتركة، فإن أكداه بما يقتضي زيادة العناية بحفظه والوفاء به سمي ميثاقا، وإن أكداه باليمين خاصة سمي يمينا.

المناسبة:

بعد أن ذكر الله تعالى براءة الله ورسوله من عهود المشركين، وإعلان الحرب عليهم بعد أربعة أشهر إلا من يستجير أو يستأمن لسماع كلام الله أو للرسالة أو للتجارة، أبان سبب البراءة من المشركين وإمهاله إياهم أربعة أشهر، ثم مناجزتهم بكل أنواع القتال، وهو نقضهم العهود ومعاملتهم بالمثل.

التفسير والبيان:

كيف يكون للمشركين الناكثين للعهد عهد محترم عند الله وعند رسوله؟ وهذا استفهام بمعنى الإنكار والاستبعاد لأن يكون لهم عهد، وهم في الواقع أعداء الداء حاقدون مضمرون الغدر، مشركون بالله، كافرون به وبرسوله، يعني محال أن يثبت لهم عهد، فلا تطمعوا في ذلك. وهذا بيان حكمة البراءة وسببها.

ثم استدرك واستثنى الذين عاهدتم عند المسجد الحرام، وهم بنو بكر وبنو ضمرة الذين لم ينقضوا عهودهم المعقودة معهم يوم الحديبية، أي ليس العهد إلا لهؤلاء الذين لم ينقضوا ولم ينكثوا، وهم المستثنون من قبل في قوله: {إِلاَّ الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً}.

<<  <  ج: ص:  >  >>