{ثانِيَ عِطْفِهِ} متكبرا عن الإيمان، معرضا عن القرآن كفرا وتعظما، ولاويا عنقه، والعطف: الجانب عن يمين أو شمال. {عَنْ سَبِيلِ اللهِ} أي عن دينه، وليضل: علة للجدال.
{لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ} عذاب وهوان وذل، فقتل يوم بدر أي أبو جهل المجادل. {عَذابَ الْحَرِيقِ} أي الإحراق بالنار. {بِما قَدَّمَتْ يَداكَ} عبر بهما دون غيرهما؛ لأن أكثر الأفعال تزاول بهما، وهو وارد بطريق الالتفات، أو إرادة القول، أي يقال له يوم القيامة: ذلك الخزي والتعذيب بسبب ما اقترفته من الكفر والمعاصي. {وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلاّمٍ لِلْعَبِيدِ} أي ليس بذي ظلم لأحد، فيعذبهم بغير ذنب، وإنما هو مجازيهم على أعمالهم، والمبالغة في (ظلام) لكثرة العبيد.
{عَلى حَرْفٍ} أي على طرف من الدين لا ثبات له فيه، وهذا تشبيه حال المنافقين بحال من يقف على حرف جبل في عدم ثباته، أو كالذي يكون على طرف الجيش، فإن أحس بظفر قرّ، وإلا فرّ، فهو على شك وضعف في العبادة. {فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ} صحة وسلامة في نفسه وماله.
{فِتْنَةٌ} محنة، وسقم في نفسه وماله. {اِنْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ} أي رجع إلى الكفر وارتد. {خَسِرَ الدُّنْيا} ضيعها بفوات ما أمله منها، وبذهاب عصمته لارتداده. {وَالْآخِرَةَ} بالكفر وحبوط عمله. {الْخُسْرانُ الْمُبِينُ} البيّن، إذ لا خسران مثله.
{يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ} أي يقول، واللام زائدة: إن من ضرره بعبادته أقرب من نفعه، إن نفع بتخيله، هو إلهي. والضرر: هو استحقاق القتل في الدنيا والعذاب في الآخرة، والنفع: هو الشفاعة والتوسل بها إلى الله تعالى. {لَبِئْسَ الْمَوْلى} الناصر أي لبئس هو الناصر. {وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ} الصاحب هو والمعاشر.
{وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ} من الفروض والنوافل. {إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ} من إثابة الموحد الصالح، وإكرام من يطيعه، وعقاب المشرك، وإهانة من يعصيه.
سبب النزول:
نزول الآية (٨):
{وَمِنَ النّاسِ مَنْ يُجادِلُ} نزلت في أبي جهل، أنذره الله بالخزي (الذل والهوان) في الدنيا، فقتل يوم بدر، أو نزلت في النضر بن الحارث الذي قتل أيضا يوم بدر، ومعظم المفسرين على هذا كالآية الأولى.