{أَهْلَ الْقُرى} الذين أرسل إليهم الرسل فكذبوا {آمَنُوا} بالله ورسلهم {وَاتَّقَوْا} الكفر والمعاصي {لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ} لسهلنا عليهم بركات من السماء بالمطر ونحوه من حرارة الشمس لتوفير الخصب في الأرض {وَالْأَرْضِ} بالنبات والمعادن ونحوها {وَلكِنْ كَذَّبُوا} الرسل {فَأَخَذْناهُمْ} عاقبناهم.
{أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى} المكذبون {بَأْسُنا} عذابنا {بَياتاً} ليلا {وَهُمْ نائِمُونَ} غافلون عنه {ضُحًى} نهارا، وأصل معنى الضحى: وقت ارتفاع الشمس وإضاءة الدنيا أول النهار {يَلْعَبُونَ} يلهون {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ} استدراجه إياهم بالنعمة وأخذهم بغتة. والمكر: التدبير الخفي الذي يؤدي إلى ما لا يحتسبه الإنسان.
{أَوَلَمْ يَهْدِ} يتبين، يقال: هداه السبيل، وهداه له وإليه، أي دلّه عليه وبيّنه له {يَرِثُونَ الْأَرْضَ} بالسكنى {مِنْ بَعْدِ أَهْلِها} أي بعد هلاك أهلها {أَصَبْناهُمْ} بالعذاب {وَنَطْبَعُ} نختم {فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ} الموعظة سماع تدبر.
المناسبة:
لما أبان الله تعالى في الآية السابقة أن الذين عصوا وتمردوا من أهل القرى أخذهم الله بغتة، أبان في هذه الآية أنهم لو أطاعوا لفتح الله عليهم أبواب الخير، ثم أنذرهم بالعذاب المبكّر ليلا أو نهارا، إذا كذبوا الرسل، تأكيدا لما سبق.
التفسير والبيان:
هذا إخبار عن سنة أخرى من سنن الله في عباده، وتلك السنة أنه لو آمن أهل القرى كأهل مكة وغيرهم بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، واتقوا ما نهى الله عنه وحرمه من الشرك والفساد في الأرض بارتكاب الفواحش والآثام، لأنزل عليهم الخيرات الكثيرة من السماء كالمطر، وأخرج لهم خير الأرض من نبات ومعادن وكنوز، وآتاهم من العلوم والمعارف والإلهامات الربّانية لفهم سنن الكون.