ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ، وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ. نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} [فصلت ٣٠/ ٤١ - ٣٢].
{لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ} أي لا تغيير لأقواله، ولا إخلاف لمواعيده، كقوله تعالى:{ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ}[ق ٢٩/ ٥٠] ومنها تبشير المؤمنين بالجنة.
{ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} أي ذلك المذكور وهو البشارة لهم في الدارين بالسعادة هو الفوز العظيم الساحق الذي لا فوز غيره؛ لأنه ثمرة الإيمان والعمل الصالح.
فقه الحياة أو الأحكام:
وضعت هذه الآية الحد الفاصل أمام الأدعياء، فأبانت أن أولياء الله هم المؤمنون الأتقياء،
روى سعيد بن جبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم سئل: من أولياء الله؟ فقال:«الذين يذكر الله برؤيتهم».
وقال عمر بن الخطاب-فيما رواه أبو داود-سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «إن من عباد الله عبادا ما هم بأنبياء ولا شهداء، تغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة، لمكانهم من الله تعالى. قيل:
يا رسول الله، خبّرنا من هم وما أعمالهم، فلعلنا نحبّهم؟ قال: هم قوم تحابّوا في الله على غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطون بها، فو الله، إن وجوههم لنور، وإنهم على منابر من نور، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس، ثم قرأ:{أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}(١).
وما أعظم وأجدى هذه الحوافر للعمل الصالح والاتصاف بصفة أولياء الله، التي ذكرتها هذه الآية، وهي المجموعة في قوله تعالى:{لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ} وفي تلك البشرى إيماء إلى الوعد بنصرهم على الأعداء.
(١) قال ابن كثير: وهذا إسناد جيد إلا أنه منقطع بين أبي زرعة وعمر بن الخطاب، لكن رواه أحمد عن أبي مالك الأشعري، ورواه ابن جرير عن أبي هريرة.