١ - عاتب الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم على الامتناع من تناول ما أحل الله، فلا ينبغي لأحد تحريم المباح:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ}[المائدة ٧٨/ ٥]. قال الشعبي: كان مع الحرام يمين، فعوتب في الحرام، وإنما يكفر اليمين فذلك قوله تعالى:{قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ}. وهذا العتاب دليل قاطع بأن القرآن من عند الله، إذ لا يعقل ولا يؤلف أن يعاتب الإنسان نفسه، أو يخبر عن نزاع خاص في بيته يظل خبرا متلوا دائما.
٢ - إن مجرد الامتاع من تناول الشيء المأكول أو المشروب من غير حلف ليس يمينا، ولا يحرّم قول الرجل:«هذا علي حرام» إلا الزوجة، فيكون إيلاء منها. وهذا رأي الجمهور. وقال أبو حنيفة: إن تحريم المأكول والمشروب والملبوس والشيء المباح يكون يمينا توجب الكفارة. وإذا حرم امرأة، فقد حلف يمين الإيلاء منها، كما تقدم.
والحقيقة: ليس في الموضوع نص يعتمد عليه، فمن تمسك بالبراءة الأصلية قال: لا حكم، فلا يلزم بها شيء، ومن قال: إنها يمين، قال: سماها الله يمينا.
ومن قال: تجب فيها كفارة وليست بيمين، اعتمد على أحد أمرين: أحدهما-أنه ظن أن الله تعالى أوجب الكفارة فيها، وإن لم تكن يمينا، والثاني-أن معنى اليمين عنده التحريم، فوجبت الكفارة على المعنى.
ومن قال: إنها طلقة رجعية، فإنه حمل اللفظ على أقل وجوهه، والرجعية محرّمة الوط ء. ومن قال: إنها ثلاث، حمل اللفظ على أكبر معناه وهو الطلاق الثلاث. ومن قال: إنه ظهار، فلأنه أقل درجات التحريم، فإنه تحريم لا يرفع