للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أنذرهما الله وحذرهما مع بقية الأزواج، فقال تعالى:

{عَسى ١ رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ، قانِتاتٍ تائِباتٍ، عابِداتٍ، سائِحاتٍ، ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً} أي لله القدرة البالغة، فإنه قادر إن وقع من النبي الطلاق أن يبدله أزواجا خيرا وأفضل منكن، قائمات بفروض الإسلام، كاملات الإيمان والتصديق بالله وملائكته وكتبه ورسله، مطيعات لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، تائبات من الذنوب، مواظبات على عبادة الله متذللات له، صائمات، بعضهن ثيّبات، وبعضهن أبكارا. والثيب: هي المرأة التي قد تزوجت، ثم طلقها زوجها أو مات عنها. والبكر: هي العذراء. قال الكلبي: أراد بالثيب مثل آسية امرأة فرعون، وبالبكر مثل مريم بنت عمران.

وهذا مأخوذ من أحاديث ضعيفة، ومبني على أن الوعد بالتبديل في الآخرة فقط‍.

ويلاحظ‍ أن جميع هذه الصفات يمكن اجتماعها في موصوف واحد، ما عدا الوصفين الأخيرين، لذا عطفا بالواو، للدلالة على التغاير أو التباين في الوصفين، والعطف يقتضي المغايرة.

والآية تتضمن غاية التهديد والوعيد على محاولات إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه لا شيء أشد وأقسى على المرأة من الطلاق، والعزم على التزوج بزوجة أخرى، فذلك قاصم للظهر، مؤرّق للبال، محطم دائم للشعور الذاتي بالسعادة في الحياة.

وفي الآية أيضا وعد من الله لنبيه صلى الله عليه وسلم أن يزوجه بما يريد، قيل: في الدنيا، وقيل: في الآخرة، والأولى الجمع بين الحالتين.


(١) عسى في القرآن: يجب تحقق ما بعدها إلا هذه، وقيل: وهنا أيضا واجب، ولكنه معلق بشرط‍ التطليق.

<<  <  ج: ص:  >  >>