للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للشاربين، وأنهار من عسل مصفى، وذلك الفوز الساحق العظيم الذي لا فوز يشبهه.

وإنما قال تعالى: {ذلِكَ الْفَوْزُ} ولم يقل «تلك» لأن {ذلِكَ} إشارة إلى إخبار الله تعالى بحصول هذه الجنات، وقوله «تلك» إشارة إلى الجنات، وإخبار الله تعالى عن ذلك يدل على كونه راضيا، و {الْفَوْزُ الْكَبِيرُ}: هو رضا الله، لا حصول الجنة، فاللهم أرضنا وارض عنا يا كريم.

وقصة أصحاب الأخدود، ولا سيما آية: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ.}. تدل على أن المستكره على الكفر بالإهلاك الشديد، الأولى به أن يصبر على ما خوف منه، وأن إظهار كلمة الكفر كالرخصة في ذلك؛

روى الحسن أن مسيلمة أخذ رجلين من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال لأحدهما: تشهد أني رسول الله؟ فقال: نعم، فتركه، وقال للآخر مثله، فقال: لا، بل أنت كذّاب، فقتله، فقال صلّى الله عليه وسلّم: «أما الذي ترك، فأخذ بالرخصة فلا تبعة عليه، وأما الذي قتل فأخذ بالفضل فهنيئا له» (١).

كمال القدرة الإلهية لتأكيد الوعد والوعيد

والاعتبار بإهلاك الأمم الكافرة السالفة

{إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (١٢) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (١٣) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (١٤) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (١٥) فَعّالٌ لِما يُرِيدُ (١٦) هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (١٧) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ (١٨) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ (١٩) وَاللهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ (٢٠) بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (٢١) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (٢٢)}


(١) تفسير الرازي: ١٢١/ ٣١ - ١٢٢

<<  <  ج: ص:  >  >>