وذلك يدلّ على أن ثمرة العمل في الدّنيا مرتبطة بالكسب وتقدير الله، وأما جزاء الآخرة فهو محصور بإرادة الله وفضله وإحسانه.
وأولئك الذين لا همّ لهم إلا الدّنيا، لا حظّ لهم في الآخرة إلا النّار في مقابلة ما عملوا؛ لأنهم استوفوا في الدّنيا ثمرة العمل الحسن، وبقي لهم في الآخرة وزر العمل السّيء، وتبدد أثر عملهم في الدّنيا، وبطل ثواب عملهم في الآخرة؛ لأنهم لم يريدوا وجه الله تعالى، والعمدة في الثواب الأخروي هو الإخلاص لله عزّ وجلّ.
ويؤيّده الحديث المشهور في الصّحيحين عن عمر رضي الله عنه:«إنما الأعمال بالنّيات، وإنما لكلّ امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه» وقال قتادة: من كانت الدّنيا همّه ونيّته وطلبته، جازاه الله بحسناته في الدّنيا، ثم يفضي إلى الآخرة، وليس له حسنة يعطى بها جزاء. وأما المؤمن فيجازى بحسناته في الدّنيا، ويثاب عليها في الآخرة. أي أن للمؤمن على عمله الحسن ثوابين، ثواب الدّنيا وثواب الآخرة، وللكافر ثوابا واحدا وهو في الدّنيا فقط.