للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن أكثر الناس لا يؤدون شكر ما أنعم الله عليهم في دينهم ودنياهم، لذا أمر الله تعالى بالتضحية والقتال في سبيل الله لإعلاء كلمة الحق ونشر الدين، لأنه لا يغني حذر من قدر، وأنه لا ملجأ من الله إلا إليه، والله سميع لكل قول، عليم بكل فعل، يحاسب كل إنسان على ما قدم.

وبما أن لفناء الأمم سببين: الجبن والبخل، قرن الله الآية السابقة التي تندد بالجبن والخوف والفرار من قدر الله، بالآية التي تدعو إلى البذل والإنفاق:

{مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ.}. إذ عبر الله تعالى عن الإنفاق بالقرض، ليحث عباده على الإنفاق في سبيل الله، وكرر الله تعالى هذه الآية في غير موضع من كتابه العزيز، ولله ملك السموات والأرض، وبيده وحده خزائن السموات والأرض، يبسط‍ الرزق لمن يشاء ويقدر، ويضاعف ثوابه أضعافا كثيرة لا يعلم عددها إلا الله، ومن نماذج تضعيف الثواب ما قاله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ، فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ، وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ، وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة ٢٦١/ ٢]، فأنفقوا ولا تبالوا، فالله هو الرزاق، يضيق على من يشاء من عباده في الرزق، ويوسعه على آخرين، له الحكمة البالغة في ذلك، وإليه المرجع والمآب يوم القيامة، فاعملوا أيها المؤمنون عملا صالحا تجدون ثمرته عند الرجوع إلى الله في الدار الآخرة.

فقه الحياة أو الأحكام:

يرى القرطبي أن أصح الأقوال وأشهرها عملا بما روي عن ابن عباس: أنهم خرجوا فرارا من الوباء، فقال ابن عباس: خرجوا فرارا من الطاعون، فماتوا، فدعا الله نبي من الأنبياء أن يحييهم حتى يعبدوه، فأحياهم الله. وروي عن الحسن البصري أيضا أنهم فروا من الطاعون (١).


(١) تفسير القرطبي: ٢٣٢/ ٣، وانظر أحكام القرآن للجصاص: ٤٥٠/ ١

<<  <  ج: ص:  >  >>