{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظّالِمُ عَلى يَدَيْهِ} كناية عن الندم والتحسر يوم القيامة، والمراد بالظالم:
الجنس، أو المشرك عقبة بن أبي معيط الذي كان نطق بالشهادتين، ثم رجع إرضاء لأبي بن خلف {اِتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً} محمد صلّى الله عليه وسلم طريقا إلى الهدى والنجاة {يا وَيْلَتى} ألفه عوض عن ياء الإضافة، أي ويلتي، ومعناه: هلكتي. وقرئ: يا ويلتي بالياء وهو الأصل؛ لأن الرجل ينادي ويلته وهي هلكته، يقول لها: تعالي فهذا أوانك: وإنما قلبت الياء ألفا كما في صحارى ومداري.
{أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ} ذكر الله أو القرآن أو موعظة الرسول صلّى الله عليه وسلم {بَعْدَ إِذْ جاءَنِي} بأن ردني عن الإيمان به {وَكانَ الشَّيْطانُ} يعني الخليل المضل أو إبليس؛ لأنه حمله على مخالفة الرسول صلّى الله عليه وسلم {لِلْإِنْسانِ} الكافر {خَذُولاً} بأن يواليه حتى يؤديه إلى الهلاك، ثم يتركه ويتبرأ منه عند البلاء، ولا ينفعه.
سبب النزول:
أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: كان أبيّ بن خلف يحضر النبي صلّى الله عليه وسلم، فيزجره عقبة بن أبي معيط، فنزل:{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظّالِمُ عَلى يَدَيْهِ} إلى قوله: {خَذُولاً}.
وفي رواية: كان عقبة بن أبي معيط يكثر مجالسة النبي صلّى الله عليه وسلم، فدعاه إلى ضيافته، فأبى أن يأكل طعامه حتى ينطق بالشهادتين، ففعل، وكان أبي بن خلف صديقه، فعاتبه، وقال: صبأت؟! فقال: لا، ولكن أبى أن يأكل من طعامي، وهو في بيتي، فاستحييت منه، فشهدت له، فقال: لا أرضى منك إلا أن تأتيه، فتطأ قفاه، وتبزق في وجهه، فوجده ساجدا في دار الندوة، ففعل ذلك، فقال صلّى الله عليه وسلم:«لا ألقاك خارجا من مكة إلا علوت رأسك بالسيف» فأسر يوم بدر، فأمر عليا فقتله، وطعن أبيا بأحد في المبارزة، فرجع إلى مكة ومات يقول:{يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً}.
قال الضحاك: لما بزق عقبة في وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلم، عاد بزاقه في وجهه، فتشعب شعبتين، فأحرق خديه، وكان أثر ذلك فيه حتى الموت.