الشرك، عاد إلى تبيان دلائل الألوهية والتوحيد. ثم نعى على الكافرين أمرهم رسول الله ص بعبادة الأصنام، وأنهم لم يعرفوا الله حق المعرفة، إذ لو عرفوه لما جعلوا الجمادات شركاء له في العبودية.
التفسير والبيان:
{اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} أي إن الله تعالى هو مبدع الأشياء كلها وخالقها جميعها، الموجودة في الدنيا والآخرة، لا فرق بين شيء وآخر، وهو ربها ومالكها والمتصرف فيها والقائم بحفظها وتدبيرها، فهي محتاجة إليه في وجودها وبقائها معا. وهذا دليل على أن أعمال العباد مخلوقة لله.
{لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} أي هو مالك أمرها وحافظها، وهذا استعارة لملكه خيراتها وأرزاقها، أو كناية عن انفراده تعالى بحفظها وتدبيرها وملك مفاتيحها، لأن حافظ الخزائن ومدبر أمرها هو الذي يملك مقاليدها، أي مفاتيحها. وهذه الجملة تأكيد للجملة السابقة:{وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} أو عطف بيان، أو تعليل لها، ورأى بعضهم أنها جملة مستأنفة.
والمعنى الجامع للجملتين: أن السلطان والملك، والتصرف في كل شيء، والتدبير والحفظ هو لله تعالى.
وروى ابن أبي حاتم عن عثمان بن عفان رضي الله عنه «أنه سأل رسول الله ص عن تفسير قوله تعالى: {لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} فقال:
ما سألني عنها أحد قبلك يا عثمان، تفسيرها: لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله، وبحمده، أستغفر الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، هو الأول والآخر، والظاهر والباطن، بيده الخير، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير..» يعني أن قائل ذلك تفتح له خزائن السموات والأرض، ويصيبه خير كثير، وأجر كبير.