الْإِنْسِ} {اِسْتَكْثَرْتُمْ} أخذتم الكثير بإغوائكم. {وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ} الذين أطاعوهم في وسوستهم.
{اِسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ} أي انتفع الإنس بتزيين الجنّ لهم الشّهوات، والجنّ بطاعة الإنس لهم.
{وَبَلَغْنا أَجَلَنَا} وصلنا يوم البعث والجزاء أو الموت. {خالِدِينَ فِيها} الخلود: المكث الطويل غير المحدد بوقت.
{النّارُ مَثْواكُمْ} مأواكم. {إِلاّ ما شاءَ اللهُ} من الأوقات التي يخرجون فيها لشرب الحميم، فإنه خارجها، كما قال تعالى:{ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ}[الصافات ٦٨/ ٣٧] أو ينقلون من عذاب النار إلى عذاب الزّمهرير. {حَكِيمٌ} في صنعه. {عَلِيمٌ} بخلقه.
المناسبة:
هذه الآيات استمرار في مناقشة مواقف تعنّت المشركين والرّدّ عليهم وتفنيد حججهم وشبهاتهم، وهي الآن تحسم الأمر، فتوضح أنهم ليسوا أهلا للإيمان، وغير مستعدّين لقبوله، كما أوضح في الآية السابقة أنهم غير أهل للنّبوة. وعلى كلّ حال: طريق الحقّ قد بان لكلّ ذي بصيرة، ومنهج الاستقامة الذي يرضي الله قد تجلّى لكلّ البشريّة، فمن قبله فله دار السّلامة، ومن أعرض عنه فله عذاب النار. وقبل هذا الجزاء يوجد الحشر والحساب، وإقامة الحجّة على الكفار.
التفسير والبيان:
عرف من الآية السابقة أن المشركين سيلقون جزاء عنادهم وغرورهم، وهنا كلمة الفصل: وهي أن الأمر كله لله، فلا يهتمن أحد، ولا يحزن على إعراض المشركين عن دعوة الإسلام، فمن يرد الله أن يوفقه للحقّ والخير والإسلام، ومن كان أهلا بإرادة الله وتقديره لقبول دعوة القرآن، فإنه يشرح صدره له، وييسره وينشطه ويسهله لذلك، كقوله تعالى:{أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ، فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ}[الزّمر ٢٢/ ٣٩]، وقوله:{وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ}[الحجرات ٧/ ٤٩].
قال ابن عباس في آية {يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ}: يقول تعالى: يوسّع