روي أن كعب بن الأشرف وأصحابه ذهبوا إلى مكة، وحرضوا المشركين على النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولكنهم لم يستجيبوا لدعوتهم، وخابت مساعيهم، ولم يتم لهم ما أرادوا.
فكان جزاؤهم تقبيح فعلهم وإنزال الغضب الإلهي عليهم وتخليدهم في العذاب، فقال تعالى:{لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ.}. أي بئس شيئا قدمته أنفسهم لآخرتهم من الأعمال التي استوجبت سخط الله عليهم، وإنزال العذاب الأليم بهم، والحكم عليهم بالخلود في نار جهنم.
مع أنهم لو آمنوا بالله حق الإيمان وبالرسول والقرآن، لما والوا الكافرين في السر والباطن، وعادوا المؤمنين بالله والنبي وما أنزل إليه، ولكن الكثيرون منهم فاسقون أي خارجون عن حظيرة الدين، وعن طاعة الله ورسوله، متمردون في النفاق، مخالفون لحكم الله بموالاة المؤمنين ومناصرتهم، أمام أعداء الأديان كلها، وذلك إما لتحريفهم دينهم أو لنفاقهم.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يلي:
إن عبادة غير الله تدل على خرق العقل، وسفاهة الرأي، وضعف التفكير، وطيش الإنسان؛ لأن المعبود هو الذي يرجى منه النفع، ويخاف من عذابه عند التقصير في حقه والمخالفة لأمره، وكل من عدا الله من الكواكب والملائكة والأوثان والأنداد والأنبياء وزعماء البشر والقادة المتفوقين المنتصرين في معركة حربية فاصلة، وإن تأمل الإنسان تحقيق النفع منهم، ودفع الضرر والشر بواسطتهم، فذلك نوع من الوهم والسخف، وانتكاس الفطرة الإنسانية، ومغالطة المعقول والتفكير السليم.