{قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ} باستعمال الحواس فيما خلقت من أجله، وما: مزيدة، والجملة مستأنفة. {ذَرَأَكُمْ} خلقكم متكاثرين موزعين. {تُحْشَرُونَ} تجمعون للحساب والجزاء.
{مَتى هذَا الْوَعْدُ} أي الحشر أو إيقاع العذاب من الخسف والحاصب. {إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} فيه أيها النبي والمؤمنون به. {إِنَّمَا الْعِلْمُ} العلم بوقته وبمجيئه. {عِنْدَ اللهِ} لا يطلع عليه غيره. {نَذِيرٌ مُبِينٌ} رسول منذر بيّن الإنذار.
{فَلَمّا رَأَوْهُ} رأوا الوعد الموعود به. {زُلْفَةً} أي ذا زلفة، أي قريبا منهم. {سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} اسودّت وعلتها الكآبة وساءتها رؤية العذاب. {وَقِيلَ} قال لهم الخزنة.
{هذَا} العذاب. {تَدَّعُونَ} تطلبون وتستعجلون استهزاء واستنكارا. وهذه حكاية حال ستأتي، عبر عنها بلفظ الماضي للدلالة على تحقق وقوعها.
المناسبة:
بعد أن أورد الله تعالى البرهان الأول على كمال قدرته وهو تمكين الطيور من الطيران، وبّخ المشركين على عبادة الأصنام، وردّ على اعتقادهم شيئين أو أمرين: وهما القوة في الأعوان، وجلب الخير من الأصنام، ثم أورد تعالى برهانين آخرين على كمال قدرته: وهما خلق الناس وحواسهم، وتكاثر الخلق واستمرارهم وتوزيعهم في الأرض ثم حشرهم إليه. ثم ذكر شيئين قالهما الكفار لمحمد صلّى الله عليه وسلّم لما أمره ربه بتخويفهم بعذاب الله وهما مطالبته بتعيين وقت العذاب، ودعاؤهم عليه وعلى المؤمنين بالهلاك، وهذا الأخير موضع الفقرة التالية.
فتكون البراهين الثلاثة على كمال قدرة الله هي الاستدلال أولا بأحوال الطيور من الحيوانات، ثم الاستدلال بصفات الإنسان وهي السمع والبصر والعقل وحدوث ذاته، ثم الاستدلال بضمان تكاثر الخلق وحفظ النوع الإنساني وتوزيعه في أنحاء الأرض والحشر يوم القيامة.
التفسير والبيان:
يرد الله تعالى على المشركين الذين عبدوا معه غيره، يبتغون عندهم النصر