المدينة وما حولها عن تبوك، بعد عودتهم. وهذا من شأن الوحي على النبي صلى الله عليه وسلّم ومن الإخبار عن المغيبات في المستقبل.
التفسير والبيان:
هذا كلام مستأنف قصد به الإخبار عن المنافقين إذا رجع المؤمنون من تبوك إليهم، أنهم يعتذرون إليكم أيها المؤمنون عن سيئاتهم وتخلفهم عن القتال بغير عذر إذا رجعتم إليهم من غزوة تبوك. قل لهم أيها الرسول: لا تعتذروا بالأعذار الكاذبة؛ لأنا لن نصدقكم أبدا.
والسبب في عدم تصديقكم أن الله قد أخبرنا سلفا بالوحي إلى نبيه بعض أخباركم وأحوالكم: وهو ما في ضمائركم من الشر والفساد ومناقصة الحقائق. وسيرى الله عملكم ورسوله، أي سيظهر أعمالكم للناس في الدنيا، ويعلم مستقبلكم من الإصرار على النفاق أو التوبة منه، فإن تبتم فإن الله يتقبل توبتكم، ويغفر لكم ذنوبكم، وإن مكثتم فيما أنتم عليه من النفاق، عاملكم الرسول بما تستحقون.
وفي هذا ترغيب لهم بالتوبة وإمهال لإظهارها وإصلاح شؤونهم.
ثم يكون مصيركم إلى الله عالم الغيب والشهادة، فيعلم ما تكتمون وما تعلنون، فيخبركم بأعمالكم خيرها وشرها، ويجزيكم عليها، علما بأنكم أشد عذابا من الكفار، كما قال تعالى:{إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النّارِ}[النساء ١٤٥/ ٤] وقوله: {فَيُنَبِّئُكُمْ..}. تصريح بالتوبيخ والعقاب على أعمالهم.
وهذا يتضمن ضرورة تجنب المعاذير الكاذبة، وتحاشي كل ما يعتذر منه من السيئات، كما
قال صلى الله عليه وسلّم فيما رواه الضياء عن أنس:«إياك وكل أمر يعتذر منه».
ثم أخبر الله تعالى عنهم أنهم سيؤكدون تلك الأعذار بالأيمان الكاذبة، فقال:
{سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ..}. أي إنهم سيحلفون لكم بالله معتذرين، لتعرضوا عنهم،