{أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ، وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ} أي أسكنوا المطلقات في مسكن مشابه لما تسكنون فيه بقدر أحوالكم، وقدر سعتكم وطاقتكم، ولو كان ذلك في حجرة من غرف الدار التي تسكنون فيها، ولا تلحقوا بهن ضررا في النفقة والسكنى، فتلجئوهن إلى الخروج من المسكن، أو التنازل عن النفقة، فالوجد: الغنى والمقدرة. وهذا بيان ما يجب للمطلقات من السكنى في المستوى الملائم لحال الرجل، لأن السكنى نوع من النفقة الواجبة على الزوج، فإذا طلق الرجل زوجته، وجب عليه أن يسكنها في منزل حتى تنقضي عدتها، دون مضارّة في السكنى أو النفقة.
{وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} أي إن كانت المرأة المطلقة حاملا، وجب الإنفاق عليها حتى تضع حملها. ولا خلاف بين العلماء في وجوب النفقة والسكنى للحامل المطلقة. وقد ذهب الحنفية إلى تعميم هذا الحكم، فقالوا: تجب النفقة والسكنى لكل مطلقة، ولو مبتوتة، وإن لم تكن ذات حمل، لقوله تعالى:{وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ} وترك النفقة من أكبر الأضرار، لما
روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في المبتوتة: «لها النفقة والسكنى» لأن ذلك جزاء الاحتباس، وتستوي فيه الحامل وغيرها. لكن قال الإمام أحمد: لا يصح ذلك عن عمر.
ورأى مالك والشافعي: أن للمطلقة ثلاثا السكنى، ولا نفقة لها إلا إذا كانت حاملا، لأن آية {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ} هي في البائن الحامل، بدليل أن الرجعية تجب نفقتها، سواء كانت حاملا أو حائلا (غير حامل) لذا قالوا:
الآية دليل على اختصاص النفقة بالحامل من المعتدات، والأحاديث تؤيده.
ومذهب أحمد وإسحاق وأبي ثور: ألا نفقة للمطلقة ثلاثا ولا سكنى، لما