وأخرج ابن جرير عن جابر أيضا قال: كان الجواري إذا نكحوا كانوا يمرون بالكبر والمزامير، ويتركون النبي صلى الله عليه وسلم قائما على المنبر، وينفضّون إليها. وأخرج ابن المنذر عن جابر أن الآية نزلت في الأمرين معا: قصة النكاح، وقدوم العير معا من طريق واحد.
قال المفسرون: أصاب أهل المدينة أصحاب الضرار جوع وغلاء سعر، فقدم دحية بن خليفة الكلبي في تجارة من الشام، وضرب لها طبل يؤذن الناس بقدومه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة، فخرج إليه الناس، فلم يبق في المسجد إلا اثنا عشر رجلا، منهم أبو بكر وعمر، فنزلت هذه الآية،
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفس محمد بيده، لو تتابعتم حتى لم يبق أحد منكم، لسال بكم الوادي نارا (١).
المناسبة:
بعد أن بيّن الله تعالى أن اليهود يفرون من الموت حبا في الدنيا وطيباتها، أراد تعالى أن يربي المؤمنين ويوجههم للعمل في الدنيا ولما ينفع أيضا في الآخرة، وهو حضور الجمعة، لأن الدنيا ومتاعها فانية، والآخرة وما فيها باقية، قال تعالى:{وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى}[الأعلى ١٧/ ٨٧]. ثم ندّد تعالى بترك النبي صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يخطب، منصرفين للهو أو للتجارة، فمنهم من انفض بمجرد سماع الطبل ورؤيته، ومنهم من انفض إلى التجارة مع الحاجة إليها والانتفاع بها.
ثم أباح تعالى السعي في العمل ومكاسب الدنيا عقب انتهاء صلاة الجمعة، قال تعالى:{وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا}[القصص ٧٧/ ٢٨].