{وَالسّارِقُ} مبتدأ، وفي خبره وجهان: أحدهما-أن يكون خبره مقدرا، وتقديره: فيما يتلى عليكم السارق والسارقة، هذا مذهب سيبويه. والثاني-مذهب الأخفش والمبرد والكوفيين: أن الخبر: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما} ودخلت الفاء في الخبر لأنه لم يرد سارقا بعينه، وإنما أراد: كل من سرق فاقطعوا: وهو يتضمن معنى الشرط والجزاء، فتدخل الفاء في خبر المبتدأ.
وإنما قال:{أَيْدِيَهُما} بالجمع؛ لأنه يريد أيمانهما، وهي قراءة شاذة. وكل ما في البدن منه عضو واحد يثنى بلفظ الجمع، وليس للإنسان إلا يمين واحدة، فنزل منزلة ما ليس في البدن منه إلا عضو واحد، مثل قوله تعالى:{فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما}[التحريم ٤/ ٦٦]. ويجوز تثنيته بلفظ المثنى مثل: رأيت وجهيهما، ويجوز أيضا بلفظ المفرد مثل: رأيت وجههما.
{جَزاءً بِما كَسَبا}: جزاء: إما منصوب نصب المصادر والعامل فيه معنى الكلام المتقدم، فكأنه قال: جازوهما جزاء، وإما منصوب لأنه مفعول لأجله، والتقدير: فاقطعوا أيديهما لأجل الجزاء. {نَكالاً} بدل من قوله: جزاء.
المفردات اللغوية:
{وَالسّارِقُ} من يأخذ المال خفية من حرز مثله {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما} محل القطع من الرسغ، والذي يقطع به هو ربع دينار فصاعدا عند الجمهور غير الحنفية {نَكالاً مِنَ اللهِ} عقوبة لهما تمنع الناس من ارتكاب السرقة {وَاللهُ عَزِيزٌ} غالب على أمره {حَكِيمٌ} في خلقه.
{فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ} رجع عن السرقة {وَأَصْلَحَ} عمله {فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ، إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} أي أن التوبة تسقط حق الله، ولا تسقط حق الآدمي العبد بالقطع ورد المال.
لكن بينت السنة أنه إن عفا عنه المسروق منه قبل الرفع إلى الإمام، سقط القطع، وهو مذهب الشافعي ومالك وأحمد وأبي يوسف، وكذا يسقط الحد بهبة المسروق إلى السارق بعد الرفع إلى الإمام في رأي أبي حنيفة ومحمد.
سبب النزول:
نزلت هذه الآية في طعمة بن أبيرق حين سرق درع جار له يدعى قتادة بن