وأورد الثانية بكلمة {فَإِذا} لتحقق وقوع الأمن وكثرته، وأوجز في جواب الأولى مراعاة لظرف الخوف، وأطنب في جواب الثانية لمناسبته ظرف الأمن والاستقرار.
المفردات اللغوية:
{حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ} داوموا على الصلوات الخمس بإتقان وأداء في أوقاتها وإتمام أركانها وشروطها مع خشوع القلب، دون تضييع ولا عجلة ولا تأجيل. {الصَّلاةِ الْوُسْطى} من الوسط:
وهو العدل والخيار، والوسطى: الفضلى، ويحتمل أنها وسط أو متوسطة في العدد، لأنها متوسطة بين صلاتين قبلها وصلاتين بعدها، وقيل: إنها وسط من الوقت. والراجح من الأقوال: أنها صلاة العصر، لما
رواه أحمد ومسلم وأبو داود عن علي مرفوعا يوم الأحزاب:«شغلونا عن الصلاة الوسطى-صلاة العصر»، و
روى أحمد والشيخان: أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال في هذا اليوم: «ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا، كما شغلونا عن الصلاة الوسطى، حتى غابت الشمس» ولم يذكر العصر.
وفي رواية عن علي عن عبد الله بن أحمد في سند أبيه:«كنا نعدّها الفجر، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: هي العصر» وأخرج الشيخان: «الذي تفوته صلاة العصر، فكأنما وتر أهله وماله».
{وَقُومُوا لِلّهِ} في الصلاة {قانِتِينَ} ذاكرين الله تعالى في القيام، مداومين على الضراعة والخشوع، وقيل: مطيعين، لما رواه أحمد:«كل قنوت في القرآن فهو طاعة» وقيل: ساكتين، لما رواه الشيخان عن زيد بن أرقم:«كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت، فأمرنا بالسكوت».
{فَإِنْ خِفْتُمْ} من عدو أو سيل أو سبع {فَرِجالاً} جمع راجل، أي مشاة صلوا {أَوْ رُكْباناً} جمع راكب، أي كيف أمكن، مستقبلي القبلة أو غيرها، ويومئ بالركوع والسجود، وهذا مذهب الشافعي رحمه الله. وعن أبي حنيفة رحمه الله: لا يصلون في حال المشي والمسابقة، ما لم يمكن الوقوف.
{فَإِذا أَمِنْتُمْ} من الخوف {فَاذْكُرُوا اللهَ} أي صلوا على النحو الذي علمكم إياه من الإتيان بالفرائض وحقوق الصلاة كاملة.
سبب النزول:
أخرج أحمد والبخاري في تاريخه وأبو داود والبيهقي وابن جرير الطبري عن زيد بن ثابت أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم كان يصلي الظهر بالهاجرة، وكانت أثقل الصلوات