{سِقايَةَ الْحاجِّ} سقي الحجيج الماء، والسقاية في اللغة: موضع السقي أو إناء السقي.
وكانت قريش تسقي الحجاج من الزبيب المنبوذ في الماء، وكان يتولى هذا العباس بن عبد المطلب في الجاهلية والإسلام. وفي الآية حذف مضاف: أي أجعلتم أهل ذلك. لا يستوون عند الله في الفضل. {الظّالِمِينَ} الكافرين. {دَرَجَةً} رتبة. {الْفائِزُونَ} الظافرون بالخير. {نَعِيمٌ مُقِيمٌ} دائم. {خالِدِينَ فِيها أَبَداً} ماكثين فيها على الدوام، أكد الخلود بالتأييد؛ لأنه قد يستعمل للمكث الطويل. {إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} يستحقر دونه ما استوجبوه لأجله أو نعم الدنيا.
سبب النزول:
أخرج مسلم وابن حبان وأبو داود عن النعمان بن بشير قال: كنت عند منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في نفر من أصحابه، فقال رجل منهم: ما أبالي أن لا أعمل لله عملا بعد الإسلام إلا أن أسقي الحاج، وقال آخر: بل عمارة المسجد الحرام، وقال آخر: بل الجهاد في سبيل الله خير مما قلتم، فزجرهم عمر، وقال: لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك يوم الجمعة، ولكن إذا صليت الجمعة، دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فاستفتيته فيما اختصمتم، فأنزل الله:{أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ} -إلى قوله- {وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ}.
وأخرج الفريابي عن ابن سيرين قال: قدم علي بن أبي طالب مكة، فقال للعباس: أي عم؟ ألا تهاجر؟ ألا تلحق برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: أعمر المسجد، وأحجب البيت، فأنزل الله:{أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ} الآية. والحجابة: هي سدانة البيت وخدمته.
والسقاية والحجابة أفضل مآثر قريش، وقد أقرهما الإسلام، جاء
في الحديث الوارد في خطبة حجة الوداع عن جابر:«إن مآثر الجاهلية تحت قدمي إلا سقاية الحاج وسدانة البيت» ومآثر العرب: مكارمها ومفاخرها التي تؤثر عنها، أي تروى وتذكر.