وقيل: المراد بالآيات: الأحكام،
أخرج أحمد والبيهقي والطبراني والنسائي وابن ماجه:
«أن يهوديين قال أحدهما لصاحبه: انطلق بنا إلى هذا النبي فنسأله، فأتياه صلّى الله عليه وآله وسلّم، فسألاه عن قول الله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ} فقال: لا تشركوا بالله شيئا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا تسرقوا، ولا تسحروا، ولا تأكلوا الربا، ولا تمشوا ببريء إلى ذي سلطان ليقتله، ولا تقذفوا محصنة، وأنتم يا يهود عليكم خاصة ألا تعدوا في السبت، فقبّلا يده ورجله، وقالا: نشهد إنك نبي، قال: فما يمنعكما أن تسلما؟ قال: إن داود دعا ألا يزال من ذريته نبي، وإنا نخاف إن اتبعناك أن تقتلنا يهود» قال الشهاب الخفاجي: وهذا هو التفسير الذي عليه المعوّل في الآية.
{فَسْئَلْ} يا محمد. {بَنِي إِسْرائِيلَ} عنه سؤال تقرير للمشركين على صدقك، أو: فقلنا له: اسأل. {مَسْحُوراً} سحرت، فأصبحت متخبط العقل مخبولا. {هؤُلاءِ} الآيات.
{بَصائِرَ} بينات واضحات وعبرا، ولكنك تعاند. {مَثْبُوراً} هالكا، أو مصروفا عن الخير، مطبوعا على الشر. {فَأَرادَ} فرعون. {أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ} أن يخرج موسى وقومه وينفيهم من الأرض: أرض مصر، أو الأرض مطلقا بالقتل والاستئصال.
{اُسْكُنُوا الْأَرْضَ} التي أراد أن يستفزكم منها. {وَعْدُ الْآخِرَةِ} أي الساعة أو الدار الآخرة يعني قيام القيامة. {لَفِيفاً} جميعا أنتم وهم، واللفيف: الجمع العظيم المختلط من الطائعين والعصاة وغيرهم. {فَرَقْناهُ} نزلناه مفرقا على مدى ثلاث وعشرين سنة. {مُكْثٍ} مهل وتؤدة وتأن ليفهموه. {وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً} شيئا بعد شيء على حسب المصالح والحوادث.
{قُلْ} لكفار مكة. {آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا} تهديد لهم ووعيد. {مِنْ قَبْلِهِ} قبل نزوله، وهم مؤمنو أهل الكتاب. {يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً} يسقطون على وجوههم تعظيما لأمر الله، وشكرا لإنجازه وعده في تلك الكتب ببعثة محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم على فترة من الرسل وإنزاله القرآن عليه.
والمعنى: إن لم تؤمنوا به، فقد آمن به من هو خير منكم، وهم العلماء الذين قرءوا الكتب السابقة، وعرفوا حقيقة الوحي، وأمارات النبوة، وتمكنوا من التمييز بين الحق والمبطل، أو رأوا نعتك وصفة ما أنزل إليك في تلك الكتب. فالخرور: السقوط بسرعة، والأذقان جمع ذقن: وهو مجتمع اللحيين.
{سُبْحانَ رَبِّنا} تنزيها له عن خلف الوعد. {سُبْحانَ} مخففة من الثقيلة. {كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً} بإنزال القرآن وبعث النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم. {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ} عطف بزيادة صفة.
{وَيَزِيدُهُمْ} القرآن. {خُشُوعاً} تواضعا لله.
المناسبة:
بعد أن حكى الله تعالى عن قريش تعنتهم في اقتراحهم وعنادهم للرسول