{وَيْلٌ لِكُلِّ أَفّاكٍ أَثِيمٍ} أي الهلاك وأشد العذاب لكل كذاب بآيات الله، كثير الإثم والمعاصي، ولهذا الأفاك حالتان:
الأولى-الإصرار والاستكبار:{يَسْمَعُ آياتِ اللهِ تُتْلى عَلَيْهِ، ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها، فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ} أي إن هذا الأفاك إذا سمع آيات القرآن تتلى على مسامعه، وفيها الدلالة الواضحة على وحدانية الله وقدرته، ووعده ووعيده، بقي مصرا على كفره، وأقام على ما كان عليه إقامة بقوة وشدة، ولم يتعظ بما يسمع من كلام الله، وتكبر وتعاظم عن الإيمان بالآيات، معجبا بنفسه، وكأنه لم يسمعها، مشبها حاله بحال غير السامع في عدم الالتفات إليها، فأخبره بأن له عند الله عذابا شديد الإيلام، جزاء إصراره واستكباره وعدم استماعه إلى الآيات.
والتعبير عن هذا الخبر المحزن بالبشرى تهكم شديد واحتقار لهم.
الحال الثانية-الاستهزاء بالآيات:{وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً اتَّخَذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ} أي وإذا علم هذا الأفاك من آيات الله شيئا، اتخذ ذلك الشيء هزوا، أي موضوعا للسخرية والتندر مما حوته من المعاني، أولئك الأفاكون الذين سبقت صفاتهم لهم عذاب موصوف بالإهانة والذل والخزي بسبب إصرارهم واستكبارهم عن سماع آيات الله واتخاذها موضوع استهزاء واستهانة بالقرآن. والعذاب المهين: هو المشتمل على الإذلال والفضيحة.
روي-كما تقدم-أن أبا جهل حين سمع قوله تعالى:{إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ} دعا بتمر وزبد وقال لأصحابه: تزقموا من هذا، ما يعدكم محمد إلا