للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المفردات اللغوية:

{أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ} يبصر بهما، أي جعلنا له. {وَلِساناً} يترجم به عما يريد ضميره.

{وَشَفَتَيْنِ} يستر بهما فاه، ويستعين بهما على النطق والأكل والشرب وغيرها. {وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ} بينا له طريقي الخير والشر أو السعادة والشقاوة، وأصل النجد: المكان المرتفع.

{فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} فهلا اجتازها أو دخلها بسرعة وشدة، والعقبة: الطريق الصعب في الجبل.

والمراد: مجاهدة النفس لفعل الخير وترك الشر.

{وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ} وما أعلمك ما اقتحام العقبة؟ والجملة اعتراضية لتعظيم شأنها أي لم تدر صعوبتها وثوابها. {فَكُّ رَقَبَةٍ} إعتاقها من الرق، أو المعاونة عليه. {ذِي مَسْغَبَةٍ} مجاعة. {ذا مَقْرَبَةٍ} قرابة في النسب. {ذا مَتْرَبَةٍ} ذا فقر، يقال: ترب فلان: إذا افتقر، أي أصبحت يده ملصقة بالتراب لفقره، والمراد: هم المطروحون على ظهر الطريق قعودا على التراب، لا بيوت لهم. وإنما ذكر الإعتاق والإطعام لما فيهما من مجاهدة النفس.

{ثُمَّ} عطف على {اِقْتَحَمَ} و {ثُمَّ} للترتيب الذكري لا الزماني، والمعنى: وكان وقت الاقتحام مؤمنا. {وَتَواصَوْا} أوصى ونصح بعضهم بعضا. {بِالصَّبْرِ} على الطاعة، وعن المعصية. {بِالْمَرْحَمَةِ} الرحمة على الناس. {أُولئِكَ} الموصوفون بهذه الصفات. {أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ} اليمين، وأصحاب طريق النجاة والسعادة. {الْمَشْأَمَةِ} الشمال، أصحاب طريق الشقاء.

{مُؤْصَدَةٌ} مطبقة مغلقة عليهم.

المناسبة:

بعد توبيخ الإنسان وذمه على طبائع غريبة وعجيبة، أقام الله تعالى الدليل على كمال قدرته بخلق الأعين واللسان والشفتين والعقل المميز بين الخير والشر، ومنحه الخيار للإنسان ليثبت ذاتيته، ويتحرر من عبودية أهوائه وشهواته، وليعرف البشر أنه تعالى مصدر لأفضل ما يتمتعون به من البصر والنطق والعقل.

ثم بيّن الله تعالى أنه كان على الإنسان بعدئذ أن يشكر هذه النعم، ويختار طريق الخير والسعادة، فيبادر إلى الإيمان والعمل الصالح، ومنه إعتاق أو تحرير الرقاب، وإطعام الأيتام الأقارب والمساكين المحتاجين، والتواصي بالرحمة على الناس، وأدى اختيار الإنسان بالتالي إلى أن يكون من أحد الفريقين:

<<  <  ج: ص:  >  >>