للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «أنا برئ من كل مسلم بين ظهراني المشركين» ثم قال:

«لا يتراءى ناراهما».

ثم أراد الله تعالى أن يبين فضل المهاجرين والأنصار على غيرهم، ويوضح مالهم في الآخرة، بعد أن ذكر حكمهم في الدنيا فهم متواصلون بينهم، وهذا ثناء عليهم، فلا تكرار، فقال: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ..}.

أي إن الله تعالى يخبر عنهم بأنهم هم المؤمنون حق الإيمان وأكمله، دون من لم يهاجر وأقام بدار الشرك، مع حاجة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين إلى هجرته، وأنه سبحانه سيجازيهم بالمغفرة التامة والصفح عن ذنوبهم إن كانت، وبالرزق الكريم في الجنة: وهو الحسن الكثير الطيب الشريف، الدائم المستمر الذي لا ينقطع أبدا.

هؤلاء الأصناف الثلاثة هم السابقون المقربون كما قال تعالى: {وَالسّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ}.

[وأما الصنف الرابع]

وهم المؤمنون الذين هاجروا بعد صلح الحديبية، فهم المشار إليهم بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ..}. أي والذين تأخر إيمانهم وهجرتهم عن الهجرة الأولى، وبعد أن قويت شوكة المسلمين، وهاجروا إلى المدينة، وجاهدوا مع السابقين لهم، فأولئك منكم، أي أنهم كالمهاجرين الأولين والأنصار، في الموالاة والتعاون والتناصر والفضل والجزاء، فهؤلاء الأتباع لهم في الدنيا، على ما كانوا عليه من الإيمان والعمل الصالح، النصرة، وهم مع المتقدمين في حسن الجزاء والعاقبة في الآخرة، فهم تبع لمن سبقهم، لذا قال تعالى:

{وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ} الآية [الحشر ١٠/ ٥٩]

وفي الحديث المتفق عليه المتواتر من طرق صحيحة عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «المرء مع من أحب»

وفي الحديث الآخر الذي رواه الطبراني والضياء عن أبي قرصافة: «من أحب قوما فهو منهم»

وفي رواية «حشره الله في زمرتهم».

<<  <  ج: ص:  >  >>