{إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}{إِذَا} ظرف، والعامل فيه وفي كل {إِذَا} بعدها قوله تعالى:
{عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ}. و {الشَّمْسُ} فاعل لفعل مضمر يفسره {كُوِّرَتْ} كما ذكر الزمخشري؛ لأن {إِذَا} لا تدخل إلا على فعل، لما فيها من معنى الشرط.
البلاغة:
{كُوِّرَتْ}{اِنْكَدَرَتْ}{عُطِّلَتْ}{حُشِرَتْ}{سُجِّرَتْ}{زُوِّجَتْ}{سُئِلَتْ}{قُتِلَتْ}{نُشِرَتْ}{كُشِطَتْ}{سُعِّرَتْ}{أُزْلِفَتْ}{أَحْضَرَتْ} سجع مرصع وهو توافق الفواصل رعاية لرؤوس الآيات.
{الْجَحِيمُ} و {الْجَنَّةُ} بينهما طباق.
المفردات اللغوية:
{كُوِّرَتْ} لفّت وطويت وأزيل ضياؤها ونورها. {اِنْكَدَرَتْ} تساقطت وتهاوت على الأرض ومحي ضوؤها. {سُيِّرَتْ} أزيلت عن مواضعها بزلزلة الأرض، وبددت في الجو، فصارت هباء منبثا. {الْعِشارُ} النوق الحوامل التي مضى على حملها عشرة أشهر، وهي كرائم أموال العرب جمع عشراء. {عُطِّلَتْ} تركت مهملة بلا راع وبلا حلب، لما دهاهم من الأمر.
{الْوُحُوشُ حُشِرَتْ} جمعت بعد البعث للاقتصاص من بعضها لبعض، ثم تصير ترابا.
{سُجِّرَتْ} أوقدت، فصارت نارا تحترق، بالبركان والزلزال. {زُوِّجَتْ} قرنت الأرواح بالأجساد. {الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ} البنت التي تدفن حية خوف العار والحاجة، وكان هذا عادة بعض العرب في الجاهلية. سئلت تبكيتا لقاتلها أو وائدها، كتبكيت النصارى بقوله تعالى لعيسى عليه السلام:{أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ}[المائدة ١١٦/ ٥]. {بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} حكاية لما تخاطب به، وجوابها أن تقول: قتلت بلا ذنب.
{الصُّحُفُ} صحف الأعمال. {نُشِرَتْ} فتحت وبسطت، فهي تطوى عند الموت، وتنشر وقت الحساب. {كُشِطَتْ} قلعت كما يقلع السقف، وأزيلت عن أماكنها كما ينزع الجلد من الشاة. {وَإِذَا الْجَحِيمُ} النار. {سُعِّرَتْ} أججت وأوقدت إيقادا شديدا. {أُزْلِفَتْ} قرّبت وأدنيت لأهلها المتقين. {عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ} جواب أول السورة، وما عطف عليها وهو اثنتا عشرة خصلة، ست منها في بدء قيام الساعة قبل فناء الدنيا، وست بعده أي يوم القيامة. وكلمة {نَفْسٌ} في معنى العموم أي كل نفس، و {ما أَحْضَرَتْ} أي ما قدمت من خير أو شر.