للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم آكل الرّبا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء» (١).

والرّبا في اللغة: الزّيادة، وفي الشرع: زيادة مال مخصوص بلا عوض في معاوضة مال بمال، أو الزّيادة في المعاملة من بيع أو قرض بالنقود والمطعومات في القدر أو الأجل. وهذا في رأي الشافعية، وحصره المالكية في ربا الفضل بالمقتات المدّخر، وأما في ربا النّسيئة فهم كالشافعية.

وعمه الحنفية والحنابلة على كل مكيل وموزون.

{لا يَقُومُونَ} أي من قبورهم. {يَتَخَبَّطُهُ} يصرعه. {الْمَسِّ} الجنون والصرع.

{بِأَنَّهُمْ} بسبب أنهم. {مَوْعِظَةٌ} وعظ‍ وزجر. {فَلَهُ ما سَلَفَ} أي لا يسترد منه ما أخذه قبل النّهي. {وَأَمْرُهُ} في العفو عنه إلى الله. {وَمَنْ عادَ} إلى أكل الرّبا مشبّها له بالبيع في الحلّ.

{يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا} ينقصه ويذهب بركته. {وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ} يزيدها وينميها ويضاعف ثوابها.

{كَفّارٍ} مقيم على كفره بتحليل الرّبا. {أَثِيمٍ} فاجر أي بأكله الرّبا، ومصرّ على الإثم ومبالغ فيه. {لا يُحِبُّ} أي يعاقبه.

{اِتَّقُوا اللهَ} أي قوا أنفسكم عقابه. {وَذَرُوا} اتركوا. {فَأْذَنُوا} اعلموا، من أذن بالشيء: علم به. {بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ} بغضب منه، وحرب من رسوله: بمعاملتكم معاملة البغاة وقتالكم بالفعل في عصره، واعتباركم أعداء له في كلّ عصر.

{وَإِنْ تُبْتُمْ} رجعتم عنه. {فَلَكُمْ رُؤُسُ} أصول. {لا تَظْلِمُونَ} لا تأخذون الزّيادة من الغريم. {وَلا تُظْلَمُونَ} بنقص شيء من رأس المال.

{وَإِنْ كانَ} وجد غريم. {ذُو عُسْرَةٍ} معسر بفقد المال أو كساد المتاع. {فَنَظِرَةٌ} له، أي فعليكم تأخيره وانتظاره. {مَيْسَرَةٍ} وقت اليسر والرّخاء. {وَأَنْ تَصَدَّقُوا} على المعسر بالإبراء. {إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} أنه خير فافعلوه.

سبب النزول: نزول الآيتين (٢٧٨ - ٢٧٩):

أخرج أبو يعلى في مسنده وابن منده عن ابن عباس قال: بلغنا أن هذه الآية نزلت في بني عمرو بن عوف من ثقيف، وفي بني المغيرة من بني مخزوم، وكان بنو المغيرة يربون لثقيف (٢)، فلما أظهر الله رسوله على مكة، وضع يومئذ


(١) أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن ابن مسعود بلفظ‍: «لعن الله آكل الربا وموكله وشاهده وكاتبه».
(٢) أي فكانت الدّيون لبني عمرو من ثقيف، انظر البحر المحيط‍: ٣٣٩/ ٢

<<  <  ج: ص:  >  >>