للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعضهم: إن قارون تآمر مع امرأة أن تقول عند بني إسرائيل: إن موسى زنى بي، فلما جمع قارون القوم، والمرأة حاضرة، ألقى الله في قلبها أنها صدقت، ولم تقل ما لقّنت.

قال الرازي: وبالجملة الإيذاء المذكور في القرآن كاف، وهو أنهم قالوا له:

{فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا} [المائدة ٢٤/ ٥] وقولهم: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً} [البقرة ٥٥/ ٢] وقولهم: {لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ} [البقرة ٦١/ ٢] إلى غير ذلك، فقال للمؤمنين: لا تكونوا أمثالهم إذا طلبكم الرسول صلّى الله عليه وسلّم إلى القتال، أي لا تقولوا: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا} [المائدة ٢٤/ ٥] ولا تسألوا ما لم يؤذن لكم فيه،

«وإذا أمركم الرسول بشيء فأتوا منه ما استطعتم» (١).

التفسير والبيان:

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمّا قالُوا، وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً} أي يا أيها المؤمنون بالله ورسوله، لا تؤذوا الرسول صلّى الله عليه وسلّم بالقول أو العمل، مما يكرهه ولا يحبه، ولا تكونوا مثل الذين آذوا موسى، كتعييبه كذبا وزورا، أو تعجيزه برؤية الله جهرا، أو تركه يقاتل وحده، أو مطالبته بأنواع من الطعام، فبرأه الله مما قالوا من الكذب والزور، وكان ذا قدر وجاه ومنزلة عند ربه، قال الحسن البصري: كان مستجاب الدعوة عند الله، وقال غيره من السلف: لم يسأل الله شيئا إلا أعطاه، ولكن منع الرؤية لما يشاء عز وجل.

ومن مظاهر إيذاء النبي صلّى الله عليه وسلّم:

ما رواه البخاري ومسلم وأحمد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: «قسم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذات يوم قسما، فقال


(١) تفسير الرازي: ٢٣٣/ ٢٥ والجملة الأخيرة حديث رواه الشيخان عن أبي هريرة بلفظ‍ «وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم».

<<  <  ج: ص:  >  >>