وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال: قالت قريش حين أنزل: {وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللهِ}: ما نراك يا محمد تملك من شيء، لقد فرغ من الأمر، فأنزل الله تعالى:{يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ}(١).
المناسبة:
بعد أن ذكر الله تعالى عذاب الكفار في الدّنيا والآخرة، أتبعه بذكر ثواب المتّقين وما أعدّه للمؤمنين من جنّات النّعيم، وذلك هو شأن القرآن الكريم، إذا وصف النّار وعذابها، ذكر الجنّة ونعيمها، مثل المذكور في سورة الفرقان:{بَلْ كَذَّبُوا بِالسّاعَةِ، وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسّاعَةِ سَعِيراً. إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ، سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً. وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ، دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً. لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً، وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً. قُلْ: أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ، كانَتْ لَهُمْ جَزاءً وَمَصِيراً. لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ خالِدِينَ، كانَ عَلى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلاً}[١١ - ١٦].
ثم ذكر تعالى فرح مؤمني أهل الكتاب بتوافق القرآن مع المنزل إليهم من ربّهم، وإنكار فئة آخرين لذلك.
ثم أورد الله تعالى شبهات المشركين لإبطال نبوّة النّبي صلّى الله عليه وسلّم، كالطّعن بتعدّد الزّوجات، وعجزه عن الإتيان بالمعجزات، فردّ الله عليهم بأن محمدا صلّى الله عليه وسلّم كسائر الأنبياء له أزواج وأولاد، وأن أمر المعجزات مفوّض إلى الله تعالى، لا إلى أحد سواه، وأن إنزال العذاب محدد بأجل معيّن، ولكلّ أجل كتاب، أي لكل حادث وقت معيّن.
(١) لباب النّقول في أسباب النّزول بهامش تفسير الجلالين للسيوطي ٣٣٤