الإخبار بما يسرّ، والمراد هنا الإخبار عن العذاب تهكما واستهزاء بهم. {إِلاَّ الَّذِينَ} أي لكن فهو استثناء منقطع، ويصح كونه استثناء متصلا أي من تاب وآمن منه. {غَيْرُ مَمْنُونٍ} غير مقطوع ولا منقوص ولا يمن به عليهم، يقال: فلان منّ الحبل: إذا قطعه.
المناسبة:
بعد بيان أحوال الناس وانقسامهم فريقين يوم القيامة: سعداء وأشقياء، أكد الله تعالى وقوع يوم القيامة وما يتبعها من الأهوال بالقسم بآيات واضحة في الكون: وهي الشفق والليل والقمر على أن البعث كائن لا محالة، وأن الناس يتعرضون لشدائد الأهوال.
ثم حكى تعالى بعض عجائب الناس أنهم لا يؤمنون بالقرآن وبالبعث، ولا يخضعون لآي القرآن العظيم، عنادا منهم واستكبارا، فيجازون أشد العذاب، إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فله الثواب الدائم غير الممنون به عليه.
التفسير والبيان:
{فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ، وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ، وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ} أي يقسم الله تعالى بالشفق الذي هو الحمرة التي تكون بعد غروب الشمس إلى وقت العشاء، وبالليل الأسود البهيم وما جمع وضم، وستر كل ما كان منتشرا ظاهرا في النهار، وبالقمر إذا اجتمع وتكامل وصار بدرا في منتصف كل شهر قمري. والقسم بهذه الأشياء دليل على تعظيمها وتعظيم قدر مبدعها.
ولا أقسم: قسم، وأما حرف (لا) فهو نفي ورد لكلام سابق قبل القسم، وهنا رد الله تعالى على المشرك الذي ظن أن لن يحور، بأنه سيرجع ويبعث، وأبطل ظنه، ثم أقسم بعده بالشفق.
{لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ} جواب القسم، أي لتصادفن أحوالا بعد أحوال، هي طبقات في الشدة، بعضها أشد من بعض، وهي الموت وما بعده من