للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التفسير والبيان:

هذا حال المحتضر عند الموت من الكافرين أو العصاة المفرطين في أمر الله تعالى وماذا يقولون حينئذ، فقال تعالى:

{حَتّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ: رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ} أي إذا دنا الإنسان الكافر أو العاصي المفرط‍ في حقوق الله من الموت، ورأى ما ينتظره من العذاب، طلب الرجعة إلى الدنيا ليصلح ما كان أفسده في مدة حياته، وقال: ربّ ارجعني لكي أتدارك ما قصرت فيه، وأعمل العمل الصالح الذي ترضى عنه من الطاعات والخيرات وأداء حقوق الناس. وقوله:

{لَعَلِّي} ليس المراد بها الشك، وإنما يعني كونه جازما بأنه سيتدارك.

وذلك كما قال تعالى: {وَأَنْذِرِ النّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ، فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا: رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ، نُجِبْ دَعْوَتَكَ، وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ، أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ} [إبراهيم ٤٤/ ١٤] وقال سبحانه: {يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ: قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ، فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ، فَيَشْفَعُوا لَنا، أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنّا نَعْمَلُ} [الأعراف ٥٣/ ٧].

وقال عز وجل: {وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ: رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً، إِنّا مُوقِنُونَ} [السجدة ١٢/ ٣٢] وقال تعالى: {وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النّارِ، فَقالُوا: يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا} [الأنعام ٢٧/ ٦]، {وَتَرَى الظّالِمِينَ لَمّا رَأَوُا الْعَذابَ يَقُولُونَ: هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ} [الشورى ٤٤/ ٤٢]، {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها: رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنّا نَعْمَلُ، أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ، ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ، وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ، فَذُوقُوا فَما لِلظّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} [فاطر ٣٧/ ٣٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>