بعدها للحساب، وفي هذا اليوم بالذات يحشر المجرمون أيضا وهم المشركون والعصاة المأخوذون بذنوبهم التي لم يغفرها الله لهم، زرق العيون والوجوه من شدة ما هم فيه من الأهوال، والغيظ والندامة.
{يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ، إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاّ عَشْراً} أي يتسارون بينهم، فيقول بعضهم لبعض سرا: ما لبثتم في الدنيا إلا قليلا بمقدار عشرة أيام أو نحوها أو عشر ليال، يستقصرون مدة مقامهم في الدنيا أو في القبور، بمقارنتها بأيام الآخرة الطويلة الأمد وبأعمار الآخرة.
وإنما خص العشرة واليوم الواحد بالذكر؛ لأن القليل في أمثال هذه المواضع لا يعبر عنه إلا بالعشرة والواحد.
{نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ، إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً: إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاّ يَوْماً} أي نحن أعلم بما يتناجون وبما يقولون في مدة لبثهم، حين يقول أعدلهم قولا، وأكملهم رأيا وعقلا، وأعلمهم عند نفسه: ما لبثتم إلا يوما واحدا؛ لأن دار الدنيا كلها، وإن طالت في أنظار الناس، كأنها يوم واحد، وغرضهم من ذلك درء قيام الحجة عليهم لقصر المدة، كما قال تعالى:{وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ، يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ}[الروم ٥٥/ ٣٠] وقال سبحانه: {قالَ: كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ، قالُوا: لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ، فَسْئَلِ الْعادِّينَ}[المؤمنون ١١٢/ ٢٣ - ١١٣].
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على ما يأتي:
١ - إن في قصص القرآن من أخبار الأمم وأحوالهم عبرة وعظة، يستعبر بها أو يتعظ العقلاء المكلفون، وسلوة للنبي، ودليلا على صدقه، وزيادة في معجزاته.