لكل نبي قبلك عدوا من المشركين، فاصبر كما صبروا، وفيه دليل على أن الله خالق الشر. والعدو:
يطلق على الواحد والجمع {هادِياً} لك إلى طريق قهرهم {وَنَصِيراً} ناصرا لك على أعدائك.
{لَوْلا} هلا {جُمْلَةً واحِدَةً} دفعة واحدة كالتوراة والإنجيل والزبور {كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ} أي أنزلناه كذلك مفرّقا لتقوية قلبك بتفريقه على حفظه وفهمه؛ لأنه صلّى الله عليه وسلم بخلاف حال موسى وداود وعيسى عليهم السلام كان أميا، وكانوا يكتبون، فلو ألقي إليه جملة، عانى التعب والإجهاد في حفظه، ولأن نزوله بحسب الوقائع يزيد الأمر تبصرا، وتعمقا في فهم المعنى. وكلمة {كَذلِكَ} صفة مصدر محذوف يشير إلى إنزاله مفرقا {وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً} أتينا به شيئا بعد شيء، أو قرأناه عليك شيئا بعد شيء، بتمهل وتؤدة، لتيسير فهمه وحفظه، في مدى ثلاث وعشرين سنة. وأصله الترتيل في الأسنان: وهو تفليجها.
{وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ} أي بحال وصفة غريبة ونوع من الكلام يشبه المثل في تنميقه وتحسينه ورصف لفظه، بقصد القدح في نبوتك وإبطال أمرك {إِلاّ جِئْناكَ بِالْحَقِّ} الدافع له، أو الدامغ له في جوابه {وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً} أي بما هو أحسن بيانا لهم، وأصح معنى من سؤالهم العجيب الذي كأنه مثل في البطلان.
{الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ إِلى جَهَنَّمَ} أي يساقون ويسحبون على وجوههم، أي مقلوبين {شَرٌّ مَكاناً} هو جهنم {وَأَضَلُّ سَبِيلاً} أبعد عن الحق طريقا من غيرهم، وهو كفرهم
سبب النزول:
نزول الآية (٣٢):
أخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه، والضياء في المختارة عن ابن عباس قال: قال المشركون: إن كان محمد صلّى الله عليه وسلم، كما يزعم نبيا، فلم يعذبه ربه، ألا ينزل عليه القرآن جملة واحدة، فينزل عليه الآية والآيتين، فأنزل الله:{وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا: لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً}.
المناسبة:
بعد بيان اعتراضات المشركين وأقاويلهم الباطلة، وأوجه تعنتهم، كطلب إنزال الملائكة أو رؤية الله، وتكذيب القرآن ووصفه بالأساطير، أوضح الله