فلما بلغ:{وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} قالوا: من هم يا رسول الله؟ فلم يراجعهم حتى سئل ثلاثا، وفينا سليمان الفارسي، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على سلمان الفارسي، ثم قال: لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء» (١).
ففي هذا الحديث دليل على أن هذه السورة مدنية، وعلى عموم بعثته صلى الله عليه وسلم إلى جميع الناس، لأنه فسر قوله تعالى:{وَآخَرِينَ مِنْهُمْ} بفارس، ولهذا كتب كتبه إلى فارس والروم وغيرهم من الأمم يدعوهم إلى الله عز وجل وإلى اتباع ما جاء به.
وروى ابن أبي حاتم عن سهل بن سعد الساعدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن في أصلاب أصلاب أصلاب رجال ونساء من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب» ثم قرأ: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} يعني من يأتي من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
ثم أبان الله تعالى أن الإسلام وبعثة محمد فضل منه ورحمة، فقال:{ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ، وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} أي ذلك الإسلام والوحي وإعطاء النبوة العظيمة لمحمد صلى الله عليه وسلم فضل من الله يعطيه من يشاء من عباده، والله صاحب الفضل العظيم الذي لا يساويه فضل ولا يدانيه، وهو ذو المن العظيم على جميع خلقه في الدنيا بتعليم الكتاب والحكمة في الدنيا، وفي الآخرة بمضاعفة الجزاء على الأعمال.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات الكريمات إلى ما يأتي:
١ - ينزه الله ويمجده ويقرّ بوجوده ووحدانيته وقدرته جميع الكائنات في السموات والأرض.
(١) ورواه أيضا مسلم والترمذي والنسائي وابن أبي حاتم وابن جرير.