للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أَوْلِياءَ} أنصار يمنعونهم من عذابه أو عقابه، ولكنه أخر عقابهم إلى هذا اليوم ليكون أشد وأدوم. {يُضاعَفُ لَهُمُ} بإضلالهم غيرهم. {ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ} للحق. {وَما كانُوا يُبْصِرُونَ} أي يبصرونه، لفرط‍ كراهتهم له، كأنهم لم يستطيعوا ذلك. {خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} لمصيرهم إلى النار المؤبدة عليهم. {وَضَلَّ} غاب. {يَفْتَرُونَ} على الله من ادعاء الشريك.

{لا جَرَمَ} حقا. قال الفراء: إنها بمنزلة قولنا: لا بد ولا محالة، ثم كثر استعمالها حتى صارت بمنزلة (حقا). تقول العرب: لا جرم أنك محسن، على معنى: حقا إنك محسن.

{وَأَخْبَتُوا} خشعوا وسكنوا وأخلصوا لله تعالى، وأصل الإخبات: قصد الخبث وهو المكان المطمئن المستوي. {مَثَلُ} صفة. {الْفَرِيقَيْنِ} الكفار والمؤمنين. {كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ} هذا مثل الكافر، وتشبيه بالأعمى لتعاميه عن آيات الله، وبالأصم لعدم استماعه كلام الله تعالى وتدبر معانيه. {وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ} هذا مثل المؤمن لتبصره بالقرآن وسماعه له سماع تدبر وإمعان، فيكون كل واحد منهما مشبها باثنين. {أَفَلا تَذَكَّرُونَ} تتعظون، أصله: تتذكرون، فأدغم التاء في الذال.

المناسبة:

بعد أن تحدث القرآن عن فريقي الناس: وهما الذي يريد الدنيا وزينتها، والذي يريد الآخرة، أبان حال كل من الفريقين في الدنيا والآخرة.

وكان القصد من آية {مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها} ذم الحريصين على الدنيا ونسيان الآخرة، والقصد من آية {أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ} الرّد على منكري نبوة الرسول صلى الله عليه وسلّم والطعن في معجزاته، وأما المراد من آية {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً} فهو الرّد على المشركين الذين يزعمون أن الأصنام شفعاؤهم عند الله، وهذا محض الافتراء على الله تعالى، وهو داخل تحت عموم وعيد المفترين على الله تعالى.

التفسير والبيان:

يبين الله تعالى حال المفترين عليه ووصفهم بأنهم أظلم الناس، وفضيحتهم في الآخرة أمام الخلائق كلهم، فيذكر أنه لا أحد أظلم لنفسه ولغيره ممن اختلق

<<  <  ج: ص:  >  >>