{وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا}[الأنعام ١٥٢/ ٦] وقوله: {وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ}[الأحزاب ٥٣/ ٣٣] وقوله: {إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً}[المجادلة ١٢/ ٥٨] أي إذا أردتم ذلك. ثم إن سبب الاستعاذة وهو دفع وسوسة الشيطان يقتضي تقديم الاستعاذة قبل القراءة.
والاستعاذة أن يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
والأمر بها أمر ندب بإجماع العلماء، كما حكى ابن جرير وغيره من الأئمة.
وعن الثوري وعطاء: أنها واجبة في الصلاة أو غيرها، عملا بظاهر الآية؛ إذ الأمر للوجوب، لكن الوجوب في رأي الجمهور مصروف عنه إلى الندب؛ لأنه صلّى الله عليه وسلّم لم يعلمها الأعرابي، ولأنه كان يتركها أحيانا.
والاستعاذة في رأي الحنفية وجماعة مطلوبة فقط في أول الصلاة؛ لأنها عمل واحد، مفتتح بقراءة، فتكون في ابتدائها. وفي رأي الشافعية وجماعة: تتكرر في كل ركعة؛ لأنها قد رتّبت على القراءة، وكل ركعة فيها قراءة، فتبدأ الركعة بالاستعاذة.
{إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ.}. أي إن الشيطان أي جنسه ليس له قوة ولا تسلط على المصدقين بلقاء الله، ويفوضون أمورهم إليه. {إِنَّما سُلْطانُهُ.}.
أي إنما تسلطه بالغواية والإضلال على الذين أطاعوه واتخذوه وليا ناصرا لهم من دون الله، والذين أشركوه في عبادة الله، ويحتمل أن تكون الباء سببية، أي صاروا بسبب طاعتهم للشيطان وإغوائه لهم مشركين بربهم.
ثم ذكر تعالى شبهتين من شبهات منكري النبوة بتأثير وسوسة الشيطان.
الشبهة الأولى:
{وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً.}. أي إذا رفعنا آية وجعلنا مكانها آية أخرى لحكمة