وشؤم مشاهدتهم. وفي تقديم التّوكل على الدّعاء تنبيه على أن الدّاعي ينبغي أن يتوكّل أولا لتجاب دعوته.
{أَنْ تَبَوَّءا} اتّخذا مباءة ومسكنا يسكنون فيها أو يرجعون إليها للعبادة. {وَاجْعَلُوا} أنتما وقومكما. {بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً} مصلّى أو مساجد تصلّون فيها لتأمنوا من الخوف، وكان فرعون منعهم من الصّلاة. {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} أتّموها فيها حتى لا يؤذيهم الكفرة ويفتنوهم عن دينهم.
{وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} بالنّصر في الدّنيا والجنّة في الآخرة.
وإنما ثنّى ضمير {تَبَوَّءا} أولا؛ لأن التبوء للقوم واتّخاذ المعابد مما يتعاطاه رؤوس القوم بتشاور، ثم جمع في قوله:{وَاجْعَلُوا} لأن جعل البيوت مساجد والصّلاة فيها مما ينبغي أن يفعله كل أحد، ثم أفرد بقوله:{وَبَشِّرِ} لأن البشارة في الأصل وظيفة صاحب الشّريعة.
المناسبة:
أبان الله تعالى أنه بالرّغم من مشاهدة المعجزات الباهرة على يد موسى عليه السّلام، فإنه لم يؤمن به من بني إسرائيل إلا طائفة من شبّان قومه، توطئة لإخراجهم من أرض مصر. وفي ذلك تسلية للنّبي محمد صلى الله عليه وسلّم؛ لأنه كان يغتم بسبب إعراض القوم عنه واستمرارهم على الكفر، فله بسائر الأنبياء أسوة.
التفسير والبيان:
هذا هو الفصل الثالث من قصة موسى عليه السّلام.
يخبر الله تعالى أنه لم يؤمن بموسى عليه السّلام في أول أمره، مع ما جاء به من الآيات البيّنات والحجج القاطعات، إلا قليل من قومه بني إسرائيل، وهم طائفة من الشباب، على وجل وخوف من فرعون وملئه أن يردوهم إلى ما كانوا عليه من الكفر؛ لأن فرعون كان جبارا عنيدا، مسرفا في التّمرد والعتوّ متجاوزا الحدّ في الظلم والفساد، شديد البطش والفتك، حتى إنه ادّعى الرّبوبية واسترقّ أسباط الأنبياء، وكانت له سطوة ومهابة تخاف رعيته منه خوفا شديد. فالضمير في