قدرة الله تعالى شاملة لجانبي الرحمة والفضل، والعذاب والعقاب، فهو قادر على إمداد خلقه بمختلف أنواع السعة والرزق والسلامة والنجاة، كما أبان في الآيات السابقة، وهو قادر أيضا على إنزال مختلف أنواع العذاب كما ذكر في هذه الآيات، ومثل العذاب من فوق الرجم بالحجارة والطوفان والصيحة والريح؛ كما فعل بعاد وثمود وقوم شعيب وقوم لوط وقوم نوح، ومثل العذاب من تحت الزلزال والبركان، والخسف والرجفة؛ كما فعل بقارون وأصحاب مدين، ومثل العذاب الشديد الدائم: أن يخلط عليكم الأمر، فيفرق صفوفكم، ويجعلكم مختلفي الأهواء، ويفرق بين الأمراء على طلب الدنيا، وإيقاع الحرب والقتل في الفتنة.
والآية عامة في المسلمين والكفار، وقد تحقق كل ذلك في الوجود، فاستولى العدو على ديارنا وأنفسنا وأموالنا، واستولت الفتنة علينا بقتل بعضنا بعضا، واستباحة بعضنا أموال بعض. وما أسوأ حال العرب والمسلمين منذ تخلّوا عن تعاليم دينهم، وأصبحوا تبعا للأعداء، وجسّدوا فيما بينهم الفرقة والخلاف.
وأما مصير الذين كذبوا بالقرآن، وهو القصص الحق، فليس أمرهم منوطا بنبيّ الله، فما هو إلا منذر وقد بلّغ ما أمره به ربه، وإنما أمرهم راجع إلى الله، ولكل إنذار وقت، ولكل خبر حقيقة، ولكل شيء وقت يقع فيه من غير تقدّم وتأخر. وهذا شامل للعذاب في الدنيا والعذاب في الآخرة.
وهذا وعيد من الله تعالى للكفار، لأنهم كانوا لا يقرّون بالبعث، ووعيد لهم في الدنيا، كما حدث لهم في بدر وغيرها من المعارك الحربية التي استأصلت الكفر والشرك من الحجاز.