بعد أن بيّن الله تعالى أن محبته تستلزم محبة رسوله واتباعه وطاعته، وأن طاعة الله مقترنة بطاعة الرسول، ناسب أن يذكر من أحبهم واصطفاهم من الرسل وذرياتهم الذين يبينون للناس طريق المحبة: وهي الإيمان بالله مع طاعته وطاعة رسله الكرام.
التفسير والبيان:
يخبر الله تعالى أنه اختار هذه البيوت على سائر أهل الأرض، وجعلهم صفوة العالمين بجعل النبوة فيهم، فاختار آدم أبا البشر، خلقه بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد الملائكة له، وعلمه أسماء الأشياء، وأسكنه الجنة، ثم أهبطه منها لما له في ذلك من الحكمة، وتاب عليه واجتباه، كما قال:{ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ، فَتابَ عَلَيْهِ، وَهَدى}[طه ١٢٢/ ٢٠] وكان من ذريته الأنبياء والمرسلون.
واصطفى من بعده نوحا أبا البشر الثاني، الذي جعله أول رسول بعثه إلى أهل الأرض فهو شيخ المرسلين، لما عبدوا الأوثان، وانتقم له بإغراقهم بالطوفان، ونجاه هو ومن تبعه من المؤمنين في الفلك العظيم، وكان من ذريته كثير من الأنبياء والمرسلين، وهو أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض بعد آدم عليه السلام بتحريم البنات والأخوات والعمات والخالات وسائر القرابات.
واصطفى آل إبراهيم، ومنهم سيد البشر خاتم الأنبياء على الإطلاق محمد صلّى الله عليه وسلّم، ومنهم إسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط. واصطفى من ذرية إبراهيم آل عمران: وهم عيسى وأمه مريم بنت عمران التي ينتهي نسبها إلى يعقوب عليه السلام.
والمراد بعمران هذا: هو والد مريم أم عيسى عليه السلام، وهو عمران بن