البلاغة:
{وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ} استعار المفاتح للأمور الغيبية كأنها مخازن خزنت فيها المغيبات.
قال الزمخشري في الكشاف: ٥٠٩/ ١: جعل للغيب مفاتح على طريق الاستعارة؛ لأن المفاتح يتوصّل بها إلى ما في المخازن المتوثق منها بالإغلاق والأقفال، والمراد أن الله تعالى وحده هو العالم بالمغيبات، كمن عنده مفاتح أقفال المخازن ويعلم فتحها، فهو المتوصل إلى ما في المخازن.
{وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفّاكُمْ بِاللَّيْلِ} استعار توفي الموت للنوم لما بينهما من التشابه في زوال الإحساس والتمييز.
{وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ} والليل والنهار بينهما طباق.
المفردات اللغوية:
{وَعِنْدَهُ} أي الله تعالى. {مَفاتِحُ} جمع مفتح أي مخزن، أو مفتاح: وهو المفتاح الذي تفتح به الأقفال، والمراد هنا: خزائن الغيب أو الطّرق الموصلة إليه. {الْبَرِّ} الأرض اليابسة.
{الْبَحْرِ} المكان المتّسع للماء الكثير. {يَتَوَفّاكُمْ} التّوفي: الأخذ التّام الكامل، أو استيفاء الشيء أو إحصاء عدده، ثم أطلق التّوفي على الموت؛ لأن الأرواح تقبض وتؤخذ أخذا تاما، كما أطلق على النوم، وليس ذلك موتا حقيقة، بل هو قبض الأرواح عن التّصرّف بالنّوم كما يقبضها بالموت.
{جَرَحْتُمْ} عملتم وكسبتم بالجوارح، والجرح كالكسب يطلق على الخير والشّرّ، والاجتراح: فعل الشّرّ خاصة، كما في قوله تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ} [الجاثية ٢١/ ٤٥].
{يَبْعَثُكُمْ فِيهِ} يوقظكم من النوم في النهار. {لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى} ليقضى: ينفذ، والأجل: هو أجل الحياة. {ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ} أي بالبعث، {ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} فيجازيكم به. {حَفَظَةً} ملائكة تحصي أعمالكم وهم الكرام الكتبة من الملائكة: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ. كِراماً كاتِبِينَ} [الانفطار ١٠/ ٨٢ - ١١].
{تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا} هم الملائكة الموكلون بقبض الأرواح. {وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ} يقصّرون فيما يؤمرون به. {ثُمَّ رُدُّوا} أي الخلق. {مَوْلاهُمُ} مالكهم. {الْحَقِّ} الثابت العدل ليجازيهم.
{لَهُ الْحُكْمُ} القضاء النافذ فيهم. {وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ} يحاسب الخلق كلهم في قدر نصف نهار من أيام الدّنيا، لحديث وارد بذلك.
المناسبة:
الآيات متّصلة بما قبلها؛ لأنه تعالى قال في الآية الأولى: {وَاللهُ أَعْلَمُ