للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقه الحياة أو الأحكام:

هذه الآيات واردة على سبيل المقارنة والموازنة بين المؤمنين والكافرين، وجزاء كل منهم، فلما بيّن الله تعالى إهلاك قوم فرعون معه بالغرق على وجه العقوبة، بيّن ما فعله بالمؤمنين من الخيرات، وهو أنه تعالى أورثهم أرضهم وديارهم.

لقد أنقذ الله موسى وهارون وبني إسرائيل من ظلم فرعون وقومه، وكان عبورهم في البحر معجزة خارقة لموسى، إذ أوحى الله إليه بأن يضرب بعصاه البحر: {فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ، فَانْفَلَقَ، فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} [الشعراء ٦٣/ ٢٦].

وذلك لصموده مع أخيه في وجه الطاغية فرعون، أكبر ملك في أكبر دولة في الأرض، استعبدت شعب مصر عدة قرون، فما زالا يجادلانه بالحجج والبينات، حتى نصرهما الله، وهكذا فلا تستعظم قوة أي دولة كبري أمام قوة الحق، ويفعل الإيمان القوي في القلب المليء باليقين ما لا تفعله قوى الشر المتكاثرة، وهكذا يتصدى موسى وأخوه هارون لعدو الله، وقومهما أذلة مستضعفون، وفرعون مصر صاحب السلطة والمال والجند والأتباع، ثم ينتصر الضعفاء، ويتلاشى الأقوياء: {إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ} [آل عمران ١٣/ ٣] {إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق ٣٧/ ٥٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>