الأول-يراد به نقصان علمهم بالنسبة إلى علم الله تعالى، وهذا رأي ابن عباس، وهو الأصح، قالوا: لا علم لنا؛ لأنك تعلم ما أظهروا وما أضمروا، ونحن لا نعلم إلا ما أظهروا، فعلمك فيهم أنفذ من علمنا.
الثاني-انعدام علمهم بسبب ما يتعرضون له من هول ذلك اليوم وفزعهم ويذهلون عن الجواب. وهذا رأي الحسن البصري ومجاهد والسّدّي، جاء
في الخبر:«إن جهنم إذا جيء بها زفرت زفرة، فلا يبقى نبيّ ولا صدّيق إلا جثا لركبتيه»
وقال صلّى الله عليه وسلّم:«خوفني جبريل يوم القيامة حتى أبكاني، فقلت:
يا جبريل، ألم يغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر؟ فقال لي: يا محمد:
لتشهدنّ من هول ذلك اليوم ما ينسيك المغفرة».
فقه الحياة أو الأحكام:
الثابت في القرآن الكريم أن الله تعالى يسأل الرسل عن القيام بواجبهم في التبليغ، ويسأل أقوامهم عن مدى إجابتهم دعوة الرسل ونوع الإجابة أهي إجابة إقرار أم إجابة إنكار؟ والله في هذه الآية يوجّه السؤال للأنبياء بقوله مثلا: ماذا أجبتم في السرّ والعلانية؟ ليكون هذا توبيخا للكفار، فيقولون أي الرسل على سبيل النفي الحقيقي: لا علم لنا، فيكون هذا تكذيبا لمن اتخذ المسيح إلها.
وقال ابن جريج: معنى قوله: {ماذا أُجِبْتُمْ؟}: ماذا عملوا بعدكم؟ قالوا: لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب.
قال الماوردي: فإن قيل: فلم سألهم عما هو أعلم به منهم؟ فعنه جوابان:
أحدهما-أنه سألهم ليعلّمهم-أي الرسل-ما لم يعلموا من كفر أممهم ونفاقهم وكذبهم عليهم من بعدهم. الثاني-أنه أراد أن يفضحهم-أي أقوامهم-بذلك على رؤوس الأشهاد، ليكون ذلك نوعا من العقوبة لهم.