{صاحِبَهُمْ} قدار بن سالف أحيمر ثمود. {فَتَعاطى} اجترأ على تعاطي قتلها غير مبال بما يفعل، والتعاطي: تناول الشيء بتكلف. {فَعَقَرَ} ضرب قوائم الناقة بالسيف، فقتلها موافقة لهم. {فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ؟} أي كيف كان عقابي وإنذاري لهم بالعذاب قبل نزوله، المعنى: أن العذاب وقع موقعه.
{إِنّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً} هي صيحة جبريل عليه السلام، والجملة بيان للعذاب المشار إليه في الجملة السابقة. {كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ} أي مثل المتهشم اليابس، المتكسر من الشجر، الذي يجمعه صاحب الحظيرة لماشيته في الشتاء. وقرئ بفتح الظاء، أي كهشيم الحظيرة. {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ} سهلنا القرآن للاتعاظ به. {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} متعظ.
المناسبة:
هذه قصة ثالثة أو أنموذج من تكذيب الأمم الخالية رسلها، فإن عادتهم ومذهبهم إنكار الرسل وتكذيبهم، فكذبوا نوحا وهودا وصالحا عليهم السلام فيما يدعيه من الوحي عن ربه، وكل من كذب رسولا كذب جميع الرسل لاتحادهم في أصول الاعتقاد والدين. وكانت معجزة صالح عليه السلام ناقة فريدة تشرب ماء نهير كله يوما، وتدر لبنا يكفي جميع القبيلة، بل يفيض عنهم، فقتلوها، فعاقبهم الله بعذاب الصيحة: صيحة جبريل عليه السلام، فبادوا عن آخرهم.
التفسير والبيان:
{كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ} كذبت قبيلة ثمود قوم صالح برسل الله الكرام، بتكذيبهم لرسولهم، وهو صالح، ومن كذب واحدا من الأنبياء، فقد كذب سائرهم، لاتفاقهم في الدعوة إلى كليات الشرائع وأصولها العامة، كتوحيد الله تعالى، وعبادته، والإيمان بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر. ويلاحظ أنه في قصة نوح وقصة عاد قال:{كَذَّبَتْ} ولم يقل بالنذر، وفي هذه القصة وقصة قوم لوط قال:{بِالنُّذُرِ} والأمر سواء، لأن عادتهم التكذيب.